للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

١٢٧٠- (٩) وعن أبي هريرة، قال: ((أوصاني خليلي بثلاث: صيام ثلاثة أيام من كل شهر، وركعتي الضحى، وأن أوتر قبل أن أنام))

ــ

الثلاثة الشافعي وأحمد وأبي حنيفة، وعند المالكية للوتر وقتان: وقت اختيار، وهو إلى طلوع الفجر، ووقت ضرورة، وهو إلى تمام صلاة الصبح. ويكره تأخيره لوقت الضرورة بلا عذر، ويندب قطع صلاة الصبح للوتر لفذ لا لمؤتم، وفي الإمام روايتان. قال الحافظ: وحكى ابن المنذر عن جماعة من السلف أن الذي يخرج بالفجر وقته الاختياري، ويبقى وقت الضرورة إلى قيام صلاة الصبح، وحكاه القرطبي عن مالك والشافعي وأحمد، وإنما قاله الشافعي في القديم-انتهى. والقوال الراجح عندي أن ابتداء وقته مغيب الشفق بعد صلاة العشاء إلا في جمع التقديم، فيصح قبل الشفق بعد العشاء، وينتهي لطلوع الفجر الثاني، وبعد طلوع الفجر يكون قضاء لا أداء كما يدل الأحاديث التي أشرنا إليها. (متفق عليه) واللفظ لمسلم، لكن عنده "قد أوتر" أي بزيادة قد قبل أوتر، وأيضاً عنده "فانتهى" بدل وانتهى. والحديث أخرجه أيضاً أحمد وأبوداود والنسائي وابن ماجه والبيهقي (ج٣:ص٣٥) .

١٢٧٠- قوله: (أوصاني) أي عهد إليّ وأمرني أمرا مؤكداً. (خليلي) يعني رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، والخليل الصديق الخالص الذي تخللت محبته القلب فصارت في خلاله أي في باطنه. واختلف هل الخلة أرفع من المحبة أو بالعكس، وقول أبي هريرة هذا لا يعارضه قوله - صلى الله عليه وسلم -: لو كنت متخذاً خليلاً غير بي لأتخذت أبابكر؛ لأن الممتنع هو أن يتخذ هو - صلى الله عليه وسلم - غيره تعالى خليلاً، ولا يمتنع إتخاذ الصحابي وغيره النبي - صلى الله عليه وسلم - خليلاً. (بثلاث) أي خصال زاد في رواية: لا أدعهن حتى أموت. ولفظ أبي داود: لا أدعهن في فر ولا حضر (صيام ثلاثة أيام) أي الثالث عشر، والرابع عشر، والخامس عشر. (من كل شهر) يعني أيام البيض هذا هو الظاهر. وقيل: يوماً من أوله، ويوماً من وسطه، ويوماً من آخره. وقيل: كل يوم أول كل عشر، وصيام بالجر يدل من ثلاث. (وركعتي الضحى) أي في كل يوم كما زاده أحمد وهما أقلها، ويجزئان عن الصدقة التي تصبح على مفاصل الإنسان في كل يوم، وهي ثلاثمائة وستون مفصلاً كما في حديث مسلم عن أبي ذر وقال فيه: ويجزئ عن ذلك ركعتا الضحى، وفيه استحباب الضحى، وأن أقلها ركعتان وعدم مواظبة النبي - صلى الله عليه وسلم - على فعلها لا ينافي استحبابها؛ لأن حاصل بدلالة القول وليس من شرط الحكم أن تتظافر عليه أدلة القول والفعل، لكن ما واظب النبي - صلى الله عليه وسلم - على فعله مرجح على ما لم يواظب عليه. (وأن أوتر قبل أن أنام) وفي رواية: ونوم على وتر، أي يكون النوم عقب الوتر لا قبله، لا أنه لا بد من نوم بعده، ولعله أوصاه بذلك؛ لأنه خاف عليه الفوت بالنوم، ففيه أن من خاف فوات الوتر

<<  <  ج: ص:  >  >>