للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

١٢٩٤- (٣٣) وعن ثوبان، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((إن هذا السهر جهد وثقل، فإذا أوتر أحدكم فليركع ركعتين، فإن لم قام من الليل، وإلا كانتا له)) . رواه الدارمي.

ــ

عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن عائشة، قال في الزوائد: إسناده صحيح، ورجاله ثقات- انتهى. قلت: أصل الحديث عند مسلم من طريق هشام عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن عائشة قالت: سألت عائشة عن صلاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقالت: كان يصلي ثلاث عشرة ركعة، يصلي ثمان ركعات ثم يوتر، ثم يصلي ركعتين وهو جالس، فإذا أراد أن يركع قام فركع- الحديث.

١٢٩٤- قوله: (إن هذا السهر) أي الذي تسهرونه في طاعة الله. والسهر بفتحتين عدم النوم، وروى الدارقطني والبيهقي (ج٣ ص٣٣) بلفظ: أن هذا السفر أي بالفاء بدل الهاء، وكذا ذكره الهيثمي في مجمع الزوائد (ج٢ ص٢٤٦) نقلاً عن معجم الطبراني، وكتب على هامش سنن الدارمي، طبعه الهند هذه العبارة، وعليها علامة النسخة، ويقال هذا السفر وأنا أقول السهر، والظاهر أنها مقولة الدارمي، ويؤيد لفظ السفر كون القصة وقعت في حالة السفر، ففي رواية الدارقطني والبيهقي والطبراني عن ثوبان، قال: كنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في سفر فقال: إن السفر جهد وثقل الخ. (جهد) بالفتح وبالضم أيضاً المشقة. (وثقل) بكسر المثلثة وسكون القاف وفتحها أي شاق، وثقيل على النفوس البشرية بحكم العادة الطبيعة. (فإذا أوتر أحدكم) أي قبل النوم في أول الليل لعدم الوثوق بالاستيقاظ في آخر الليل. (فليركع) أي فليصل. (ركعتين) قال البيهقي: يحتمل أن يكون المراد به ركعتان بعد الوتر، ويحتمل أن يكون أراد، فإذا أراد أن يوتر فليركع ركعتين قبل الوتر. (فإن قام من الليل) وصلى فيه فيها أي أتى بالخصلة الحميدة ويكون نوراً على نور. (وإلا) أي وإن لم يقم أي من الليل لغلبة النوم له. (كانتا) أي الركعتان (له) أي كافيتين له من قيام الليل، والمعنى من قام بعد الركعتين وصلى التهجد. فهو الأفضل وإن لم يقم ولم يصل كانتا مجزئتين عن أصل ثواب التهجد في السفر؛ لأن الحديث كان في حالة السفر، كما تقدم. قال ابن حجر: هذا لا ينافي خبر: اجعلوا آخر صلاتكم بالليل وترا، أما لأن أوتر هنا بمعنى أراد أي إذا أراد أن يوتر فليركع ركعتين فليوتر أي بواحدة أو بثلاث فيكون الركعتان قبل الوتر نافلة قائمة مقام التهجد، أو لأن الأمر بالركعتين هنا لبيان الجواز نظير ما مر من تأويل فعله - صلى الله عليه وسلم - لهما بعد الوتر بذلك، وهذا الأخير هو الذي فهمه الدارمي والدارقطني حيث أورداه في باب الركعتين بعد الوتر. وقال القاري: والأخير غير صحيح إذا لم يعرف ورود الأمر لبيان الجواز فيتعين التأويل الأول- انتهى. (رواه الدارمي) بسند جيد، وأخرجه أيضاً الطحاوي والدارقطني (ص١٧٧) والطبراني في الكبير الأوسط والبيهقي (ج٣ ص٣٣) . وفي سند الثلاثة عبد الله بن صالح أبوصالح كاتب الليث بن سعد، وفيه كلام.

<<  <  ج: ص:  >  >>