للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قنت بعد الركوع، فربما قال إذا قال: سمع الله لمن حمده ربنا لك الحمد: اللهم أنج الوليد بن الوليد، وسلمة بن هشام، وعياش بن أبي ربيعة،

ــ

لنفعه (قنت بعد الركوع) قال القاري: هو يحتمل التخصيص بالصبح، أو تعميم الصلوات، وهو الأظهر- انتهى. قلت: بل هو المتعين؛ لأنه لا دليل على التخصيص، بل يبطله حديث ابن عباس الآتي وغيره، والحديث يدل بمفهومه على أن القنوت في المكتوبة إنما يكون عند إرادة الدعاء على قوم أو لقوم، ويؤيده ما قدمنا من حديث أنس عند ابن خزيمة، وحديث أبي هريرة عند ابن حبان، وأخذ منه الشافعي، وجمهور أهل الحديث أنه يسن القنوت في أخيرة سائر المكتوبات النازلة أي الشدة التي تنزل بالمسلمين عامة كوباء وقحط وخوف وعدو، أو خاصة ببعضهم كأسر العالم أو الشجاع ممن تعدى نفعه، وفيه رد على ما قال الطحاوي في شرح الآثار (ص١٤٩) : فثبت بما ذكرنا أنه لا ينبغي القنوت في الفجر في حال الحرب وغيره قياساً ونظراً على ما ذكرنا من ذلك، ورد عليه أيضاً فيما قال: "إن القنوت في الصلوات كلها للنوازل لم يقل به إلا الشافعي"، "فربما قال" أي النبي - صلى الله عليه وسلم -. (اللهم أنج) بفتح الهمزة أمر من الإنجاء أي أخلص. (الوليد بن الوليد وسلمة بن هشام وعياش بن أبي ربيعة) هذا مثال الدعاء لأحد كما أن قوله: اللهم اشدد وطأتك الخ مثال للدعاء على أحد، وكان هؤلاء الصحابة الذين دعا لهم بالإنجاء أسراء في أيدي الكفار بمكة. أما الوليد بن الوليد فهو أخو خالد بن الوليد المخزومي القرشي، شهد بدراً مشركاً فأسره عبد الله بن جحش فقدم في فداءه أخواه خالد وهشام وكان هشام أخا الوليد لأبيه وأمه فافتكاه بأربعة الآلف درهم، فلما اقتدى وذهبا به أسلم، فقيل له: هلا أسلمت قبل أن تفتدي وأنت مع المسلمين؟ قال: كرهت أن تظنوا بي إني جزعت من الإسار، فحبسوه بمكة فكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يدعو له في القنوت بالنجاة فيمن يدعو لهم من المستضعفين ثم أفلت من أسارهم، ولحق برسول الله - صلى الله عليه وسلم - وشهد معه عمرة القضية. وقال الحافظ في الفتح: كان ممن شهد بدراً مع المشركين وأسر وفدى نفسه، ثم أسلم فحبس بمكة، ثم تواعد هو وسلمة وعياش المذكورون معه، وهربوا من المشركين، فعلم النبي - صلى الله عليه وسلم - بمخرجهم فدعا لهم حتى قدموا فترك الدعاء لهم. قال: ومات الوليد لما قدم على النبي - صلى الله عليه وسلم -. وأما سلمة فهو سلمة بن هشام بن المغيرة المخزومي القرشي كان من مهاجري الحبشة، وكان من خيار الصحابة وفضلائهم، وهو أخو أبي جهل بن هشام، وابن عم خالد بن الوليد، وكان قديم الإسلام حبس بمكة وعذب في الله عزوجل ومنع من الهجرة إلى المدينة ولم يشهد بدراً لذلك، فكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يدعو له في القنوت، فأفلت ولحق برسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولم يزل بالمدينة حتى توفي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -

<<  <  ج: ص:  >  >>