١٣٠٤- (٢) وعن أبي هريرة قال: ((كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يرغب في قيام رمضان من غير أن يأمرهم فيه بعزيمة فيقول: من قام رمضان إيماناً واحتساباً،
ــ
إنما حث على النافلة في البيت، لكونه أخفى وأبعد من الرياء، وليتبرك البيت بذلك فتنزل فيه الرحمة وينفر منه الشيطان. قلت: والحديث يدل على أن صلاة التراويح في البيت أفضل؛ لأنه ورد في صلاة رمضان في مسجده - صلى الله عليه وسلم -، فإذا كان صلاة رمضان في البيت أفضل منها في مسجده - صلى الله عليه وسلم - فكيف غيرها في مسجد آخر؟ وقد ذهب كثير من العلماء إلى أن صلاة رمضان أي التراويح في المسجد أفضل، وهذا يخالف هذا الحديث؛ لأن مورده صلاة رمضان. وأجيب عنهم بأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال ذلك لخشية الافتراض، فإذا زالت الخشية بوفاته - صلى الله عليه وسلم - ارتفعت العلة المانعة، وصار أداءها في المسجد أفضل، كما أداها - صلى الله عليه وسلم - في المسجد عدة ليال، ثم أجراها عمر بن الخطاب واستمر عليها عمل المسلمين إلى يومنا هذا؛ لأنه من الشعائر الظاهرة للإسلام فأشبه صلاة العيد، وأجاب السندي بأنه يقال: صار أفضل حين صار أداءها في المسجد من شعار الإسلام، والله تعالى أعلم. وفي الحديث ندب قيام رمضان جماعة؛ لأن الخشية المذكورة أمنت بعد النبي - صلى الله عليه وسلم -، ولذلك جمعهم عمر بن الخطاب على أبيّ بن كعب، كما سيأتي. وفيه أن الكبير إذا فعل شيئاً خلاف ما اعتاده أتباعه ينبغي أن يذكر لهم عذره وحكمه والحكمة فيه. وفيه ما كان النبي - صلى الله عليه وسلم - عليه من الشفقة على أمته والرأفة بهم. وفيه ترك بعض المصالح لخوف المفسدة وتقديم أهم المصلحتين. (متفق عليه) أخرجه البخاري في الصلاة والأدب والاعتصام، ومسلم في الصلاة، واللفظ للبخاري في الاعتصام. وأخرجه أيضاً أبوداود والنسائي والبيهقي (ج٢ ص٤٩٤) .
١٣٠٤- قوله:(يرغب) أي الناس، وهو بضم الياء وفتح الراء وكسر الغين المعجمة المشددة من الترغيب. (في قيام رمضان) أي يحضهم على قيام لياليه، مصلياً أي صلاة التراويح، كما قاله النووي. (من غير أن يأمرهم فيه بعزيمة) أي بعزم وقطع وبت، يعني بفريضة، وفيه التصريح بعدم وجوب القيام. قال النووي: معناه لا يأمرهم أمر إيجاب وتحتيم بل أمر ندب وترغيب، ثم فسره بقوله فيقول الخ. وهذه الصيغة تقتضي الندب والترغيب دون الإيجاب، واجتمعت الأمة على أن قيام رمضان ليس بواجب بل هو مندوب. (من قام رمضان) أي قام لياليه مصلياً يعني صلى التراويح، وقيل: المراد ما يحصل به مطلق القيام. (إيماناً أي تصديقاً بوعد الله عليه بالثواب. (واحتساباً) أي طلبه للأجر والثواب من غير رياء وسمعة،