بعشرين ركعة، ثم كانوا يقومون بإحدى عشرة ركعة، وهذا هو الظاهر؛ لأن هذا كان موافقاً لما هو الثابت عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وذاك كان مخالفا له، فتفكر- انتهى. قال بعض الحنفية: ويمكن أن يجمع بينهما بوجه آخر وهو أن يقال: إن رواية إحدى عشرين باعتبار مجموع ما صلياه، وإحدى عشرة باعتبار كل واحد منهما، فكان يلي كل منهما عشراً عشراً، والواحد الوتر يصلي مرة هذا ومرة هذا، فيصح النسبة إليهما. وفيه أن هذا الجمع مضر للحنفية؛ لأنه يدل على أن عمر جمع الصحابة على الإيتار بركعة واحدة فردة، وهو مخالف لمذهب الحنفية إلا أن يقولوا بأن التراويح كانت ثماني عشرة ركعة، لكن ليس هذا مذهبهم، فتفكر. قلت: واستدل أيضاً للحنفية ومن وافقهم بما روى مالك، ومن طريقه البيهقي عن يزيد بن رومان أنه قال: كان الناس يقومون في رمضان عمر بن الخطاب في رمضان بثلاث وعشرين ركعة. وفيه أن هذا الأثر منقطع غير صالح للاستدلال؛ لأن يزيد بن رومان لم يدرك عمر بن الخطاب كما صرح به الزيلعي والعيني وغيرهما، وبما روى ابن أبي شيبة عن وكيع عن مالك عن يحيى بن سعيد أن عمر بن الخطاب أمر رجلاً يصلي بهم عشرين ركعة. وفيه أن يحيى بن سعيد الأنصاري لم يدرك عمر، كما اعترف به النيموني. وقال ابن المديني: لا أعلمه سمع من صحابي غير أنس، فهذا الأثر منقطع لا يصلح للاحتجاج، ومع هذا فهو مخالف لما ثبت بسند صحيح عن عمر أنه أمر أبيّ بن كعب وتميماً الداري أن يقوما للناس بإحدى عشرة ركعة، وأيضاً هو مخالف لما ثبت عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالحديث الصحيح، وبما روى أيضاً ابن أبي شيبة عن عبد العزيز بن رفيع قال: كان أبيّ بن كعب يصلي بالناس في رمضان بالمدينة عشرين ركعة، ويوتر بثلاث. وفيه أن هذا أيضاً منقطع غير صالح للاستدلال؛ لأن عبد العزيز بن رفيع لم يدرك أبي بن كعب، كما صرح به النيموني، ومع هذا فهو مخالف لما تقدم أن عمر أمر أبياً وتميماً أن يقوما للناس بإحدى عشرة ركعة، وهذا أيضاً منقطع، فإن الأعمش لم يدرك ابن مسعود، وبما روى البيهقي في السنن (ج٢ ص٤٩٧) وابن أبي شيبة في المصنف عن أبي الحسناء أن علي بن أبي طالب أمر رجلاً أن يصلي بالناس خمس ترويحات عشرين ركعة. وفيه أن مدار هذا الأثر على أبي الحسناء، وهو مجهول، كما قال الحافظ في التقريب: وقال الذهبي في الميزان: لا يعرف. ورواه أيضاً البيهقي (ج٢ ص٤٩٦) من وجه آخر أي من طريق حماد بن شعيب عن عطاء بن السائب عن أبي عبد الرحمن السلمي عن علي قال: دعا القراء في رمضان، فأمر منهم رجلاً يصلي بالناس عشرين ركعة، قال: وكان علي يوتر بهم. وفيه أن هذا الأثر أيضاً ضعيف غير صالح للاحتجاج بل ولا للاستشهاد ولا للاعتبار. قال النيموني في تعليق آثار السنن بعد ذكره: حماد بن شعيب ضعيف. قال الذهبي في