للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فقالت يا رسول الله! ما من أحد يدخل الجنة إلا برحمة الله تعالى؟ فقال: ما من أحد يدخل

الجنة إلا برحمة الله تعالى ثلاثاً. قلت: ولا أنت يا رسول الله؟!

ــ

من أرزاق العباد وآجالهم وجميع أمورهم إلى السنة الأخرى القابلة- انتهى. قال ابن حجر: وهو مبني على أن المراد في الآية هذه الليلة، وهو وإن قال به جماعة من السلف إلا أن ظاهر القرآن بل صريحة يرده لإفادته في آية أنه نزل في رمضان، وفي أخرى أنه نزل ليلة القدر، ولا تخالف بينهما؛ لأن ليلة القدر من جملة رمضان، والمراد بهذا النزول نزوله من اللوح المحفوظ إلى بيت العزة في سماء الدنيا، ثم نزل عليه عليه الصلاة والسلام متفرقاً بحسب الحاجة والوقائع. وإذا ثبت أن هذا النزول ليلة القدر ثبت أن الليلة التي يفرق فيها كل أمر حكيم في الآية هي ليلة القدر لا ليلة النصف من شعبان. ولا نزاع في أن ليلة نصف شعبان يقع فيها فرق، كما صرح به الحديث، وإنما النزاع في أنها المرادة من الآية. والصواب أنها ليست مرادة منها. وحينئذٍ يستفاد من الحديث والآية وقوع ذلك الفرق في كل من الليلتين إعلاماً بمزيد شرفهما- انتهى. قال القاري: ويحتمل أن يقع الفرق في إحداهما إجمالاً، وفي الأخرى تفصيلاً، أو تخص إحداهما بالأمور الدنيوية، والأخرى بالأمور الأخروية وغير ذلك من الاحتمالات العقلية- انتهى. قلت: ذهب الجمهور إلى أن المراد من ليلة مباركة في قوله تعالى: {إنا أنزلناه في ليلة مباركة إنا كنا منذرين فيها يفرق كل أمر حكيم} [٤٤: ٣] هي ليلة القدر لا ليلة نصف من شعبان. وقولهم هو الحق والصواب. قال الحافظ ابن كثير: من قال إنها ليلة من النصف من شعبان فقد أبعد، فإن نص القرآن أنها رمضان- انتهى. وقال العلامة الشوكاني في فتح القدير (ج٤ ص٥٥٤) : والحق ما ذهب إليه الجمهور من أن هذه الليلة المباركة هي ليلة القدر لا ليلة النصف من شعبان؛ لأن الله سبحانه أجملها ههنا وبينها في سورة البقرة بقوله: {شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن} [٢: ١٨٥] ، وبقوله في سورة القدر: {إنا أنزلناه في ليلة القدر} فلم يبق بعد هذا لبيان الواضح ما يوجب الخلاف، ولا ما يقتضي الاشتباه- انتهى. (ما من أحد) من زائدة لتأكيد الاستغراق. (يدخل الجنة) أي أولاً وآخراً بدلالة الإطلاق. (إلا برحمة الله تعالى) لا يعارضه قوله تعالى: {وتلك الجنة التي أورثتموها بما كنتم تعملون} [٤٣: ٧٢] ؛ لأن العمل سبب صوري، وسببه الحقيقي هو رحمة الله لا غير، على أنه من جملة الرحمة بالعبد، فلم يدخل إلا بمحض الرحمة على كل تقدير. وقيل: دخولها بالرحمة، وتفاوت الدرجات بتفاوت الطاعات، والخلود بالنيات. وقد بسط الحافظ الكلام في توجيه الآية المذكورة والجواب عنها في الفتح في شرح حديث أبي هريرة: لن ينجي أحداً منكم عمله. قالوا: ولا أنت يا رسول الله!؟ قال: ولا أنا إلا أن يتغمدني الله برحمته. (ثلاثاً) أي قال هذا القول ثلاث مرات للتأكيد. (قلت) هذا رجوع إلى الأصل في الكلام أن يكون باللفظ لا بالمعنى. (ولا أنت يا رسول الله) أي ما تدخل الجنة إلا برحمته تعالى مع كمال

<<  <  ج: ص:  >  >>