للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

{إنا سخرنا الجبال معه يسبحن بالعشي والإشراق} [١٨:٣٨] . وروى ابن أبي شيبة في المصنف، والبيهقي في الشعب عن ابن عباس أنه سئل عن صلاة الضحى. فقال: إنها في كتاب الله، ولا يغوص عليها الأغواص، ثم قرأ. {في بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه يسبح له بالغدو والآصال} [٣٦:٢٤] وروى أيضاً عنه قال: لم يزل في نفسي من صلاة الضحى حتى قرأت. {إنا سخرنا الجبال معه يسبحن بالعشي والإشراق} . واختلف العلماء في حكمها، وقد جمع ابن القيم في زاد المعاد (ج١:ص٩٢-٩٧) الأقوال، فبلغت ستة: الأول أنها مستحبة، واختلف في عددها فقيل: أقلها ركعتان، وأكثرها وأفضلها ثمان، وهو مذهب الحنابلة والمالكية والشافعية في القول المعتمد عندهم، وقيل: أكثرها ثنتا عشرة ركعة وأوسطها ثمان، وهو أفضلها لثبوته بفعله عليه السلام وقوله. وأما أكثرها فبقوله فقط، وهو مذهب الحنفية والشافعية أيضاً في قول. قال النووي في الروضة: أفضلها ثمان، وأكثرها ثنتا عشرة. قال الحافظ: فرق بين الأكثر والأفضل، ولا يتصور ذلك إلا فيمن صلى ثنتي عشر بتسليمة واحدة، فإنها تقع نفلا مطلقاً عند من يقول إن أكثر سنة الضحى ثمان ركعات فأما من فصل فإنه يكون صلى الضحى، وما زاد على الثمان يكون له نفلاً مطلقاً، فتكون صلاة اثنتي عشرة في حقه أفضل من ثمان لكونه أتى بالأفضل وزاد. وقيل: أفضلها أربع ركعات لكثرة الأحاديث الواردة في ذلك. وذهب قوم منهم أبوجعفر الطبري، وبه جزم الحليمي والروياني من الشافعية والباجي من المالكية أنه لا حد لأكثرها. الثاني لا تشرع إلا بسبب، واحتج له بأنه صلى الله عليه وسلم لم يفعلها إلا بسب، واتفق وقوعها وقت الضحى. وتعددت الأسباب فحديث أم هاني، الآتي في صلاته يوم الفتح كان بسبب الفتح، وإن سنة الفتح أن يصلي ثمان ركعات، ونقله الطبري من فعل خالد بن الوليد لما فتح الحيرة، وفي حديث عبد الله بن أبي أوفى أنه صلى الله عليه وسلم صلى الضحى حين بشر برأس أبي جهل، وهذه صلاة شكر كصلاة يوم الفتح، وصلاته في بيت عتبان إجابة لسؤاله أن يصلي في بيته مكاناً يتخذه مصلى، فاتفق أنه جاءه وقت الضحى فاختصره الراوي فقال: صلى في بيت الضحى، وحديث عائشة لم يكن يصلي الضحى إلا أن يجيء من مغيبه؛ لأنه كان ينهى عن الطروق ليلاً، فيقدم في أول النهار، فيبدأ بالمسجد، فيصلي وقت الضحى. الثالث لا تستحب أصلاً، وصح عن عبد الرحمن بن عوف أنه لم يصلها، وكذلك ابن مسعود. الرابع يستحب فعلها تارة وتركها تارة بحيث لا يواظب عليها، وهذه إحدى الروايتين عن أحمد، والحجة فيه حديث أبي سعيد الآتي في الفصل الثالث. وعن عكرمة كان ابن عباس يصليها عشراً ويدعها عشراً. وقال الثوري عن منصور: كانوا يكرهون أن يحافظوا عليها كالمكتوبة. الخامس: تستحب صلاتها، والمواظبة عليها في البيوت للأمن من خشية

<<  <  ج: ص:  >  >>