في الإسلام، فإني سمعت دف نعليك بين يدي في الجنة. قال: ما عملت عملاً أرجى عندي أني لم أتطهر طهوراً في ساعة من ليل ولا نهار،
ــ
أي أكثر مشغولية ومعذورية، والعمل ليس براج للثواب، وإنما هو مرجو الثواب، وأضيف إلى العمل؛ لأنه السبب الداعي إليه، والمعنى أخبرني بما أنت أرجى من نفسك به من أعمالك. قال التوربشتي: سأله عن أوثق أعماله وأحقها بالرجاء عنده وأضاف الرجاء إلى العمل؛ لأنه هو السبب الداعي إلى الرجاء، والمعنى أنبئني عن أعمالك بنا أنت أشد رجاء فيه أي يكون رجاءك بثوابه أكثر. (في الإسلام) زاد مسلم في روايته منفعة عندك. (فإني سمعت) أي الليلة، كما في مسلم، وفيه إشارة إلى أن ذلك وقع في المنام، ويدل على ذلك أيضاً أن الجنة لا يدخلها أحد أي من غير الأنبياء إلا بعد الموت وإن كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يدخلها يقظة كما وقع له في المعراج إلا أن بلالاً لم يدخل. وقال التوربشتي: هذا شيء كوشف به - صلى الله عليه وسلم - من عالم الغيب في نومه أو يقظته. وقيل: هذا مبالغة في دخول الجنة، كأنه دخل في حال حياته، قلت: حديث بريدة الآتي في الفصل الثاني ظاهر في كونه رآه دخل الجنة، ويؤيد كونه وقع في المنام ما روى البخاري في أول مناقب عمر من حديث جابر مرفوعاً: رأيتني دخلت الجنة فسمعت خشفة، فقيل: هذا بلال ورأيت قصرا بفنائه جارية، فقيل: هذا لعمر- الحديث. وبعده من حديث أبي هريرة مرفوعاً: بينا أنا نائم رأيتني في الجنة فإذا امرأة تتوضأ إلى جانب القصر، فقيل: هذا لعمر- الحديث. فعرف أن ذلك وقع في المنام ورؤيا الأنبياء وحي ولذلك جزم النبي - صلى الله عليه وسلم - له بذلك. (دف نعليك) بفتح الدال المهملة والفاء المشددة أي حسيسهما عند المشي فيهما. قال التوربشتي: أراد أخذ من دفيف الطائر إذا أراد النهوض قبل أن يستقل، وأصله ضربه بجناحيه، وفيه وهما جنباه فيسمع لهما حسيس. وقال الخليل: دف الطائر إذا حرك جناحيه، وهو قائم على رجليه. وقال الحميدي: الدف الحركة الخفيفة والسير اللين. والمراد هنا الصوت اللين الملائم الناشيء من السير، ووقع في رواية لمسلم خشف نعليك بفتح الخاء وسكون الشين المعجمتين وتخفيف الفاء. قال أبوعبيدة وغيره: الخشف الحركة الخفيفة. (بين يدي في الجنة) ظرف للسماع، وتقدم بلال بين يدي الرسول عليه الصلاة والسلام في الجنة على عادته في اليقظة لا يستدعي أفضليته على العشرة المبشرة بالجنة فضلاً عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، بل هو سبق خدمة، كما يسبق العبد سيده، وإنما أخبره عليه السلام بما رآه ليطيب قبله باستحقاقه الجنة ليداوم عليه ولإظهار رغبة السامعين. وفيه إشارة إلى بقاء بلال على ما هو عليه في حال حياته واستمراره على قرب منزلته وذلك منقبة عظيمة لبلال. (ما عملت عملاً أرجى عندي أني) بفتح الهمزة. و"من مقدرة قبلها صلة لأفعل التفضيل، وثبتت في رواية مسلم وللكشمهيني أن بنون خفيفة بدل أني. (لم أتطهر طهوراً) بضم الطاء زاد مسلم تاماً أي لم أتوضأ وضوءاً. (في ساعة من ليل ولا نهار) هذا لفظ مسلم، وفي رواية البخاري: في ساعة ليل أو نهار. قال