للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وإن فسدت وقد خاب وخسر، فإن انتقص من فريضة شيء، قال الرب تبارك وتعالى: أنظروا هل لعبدي من تطوع؟ فيكمل بها ما انتقص من الفريضة، ثم يكون سائر عمله على ذلك)) . وفي رواية:

ــ

والظفر والإنجاح بتقديم الجيم على الحاء، يقال: أنجح فلان إذا أصاب مطلوبه. قال القاري: "فقد أفلح" أي فاز بمقصوده، "وأنجح" أي ظفر بمطلوبه، فيكون فيه تأكيداً وفاز بمعنى خلص من العقاب، وأنجح أي حصل له الثواب. (وإن فسدت) بأن لم تود أو أديت غير صحيحة أو غير مقبولة. (فقد خاب) بحرمان المثوبة. (وخسر) بوقوع العقوبة. وقيل: معنى "خاب" ندم وخسر أي صار محروماً من الفوز والخلاص قبل العذاب. (فإن انتقص) بمعنى نقص اللازم. (من فريضته شيء) أي من الفرائض وفي بعض نسخ الترمذي: شيئاً وفعلاً نقص وانتقص بمعنى، ويستعملان لازمين ومتعديين. (انظروا) يا ملائكتي. (هل لعبدي من تطوع) أي في صحيفته سنة أو نافلة من صلاة على ما هو ظاهر من السياق قبل الفرض أو بعده أو مطلقاً. (فيكمل) بالتشديد ويخفف على بناء الفاعل أو المفعول وهو الأظهر، وبالنصب، ويرفع على الاستئناف. (بها) قال ابن الملك: أي بالتطوع، وتأنيث الضمير باعتبار النافلة. قال الطيبي: الظاهر نصب "فيكمل" على أنه من كلام الله تعالى جواباً للاستفهام. ويؤيده رواية أحمد: فكملوا بها فريضته، وإنما أنث ضمير التطوع في "بها" نظراً إلى الصلاة. (ما انتقص من الفريضة) ضمير "انتقص" راجع إلى الموصول على أنه لازم، أو إلى العبد، فيكون متعدياً أي ما نقصه العبد من الفريضة. وظاهر الحديث أن من فاتته الصلاة المفروضة، وصلى تطوعاً يحسب عنه التطوع موضع الفريضة. وقيل: بل ما نقص من خشوع الفريضة ورواتها يجبر بالتطوع. ورد بأن قوله: "ثم يكون سائر عمله على ذلك" لا يناسبه، إذ ليس في الزكاة إلا فرض أو فضل، فكما تكمل فرض الزكاة بفضلها كذلك في الصلاة، وفضل الله أوسع. قال العراقي في شرح الترمذي: يحتمل أن يراد به ما انتقصه من السنن والهيئات المشروعية فيها من الخشوع والأذكار والأدعية، وإنه يحصل له ثواب ذلك في الفريضة وإن لم يفعله فيها، وإنما فعله في التطوع. ويحتمل أن يراد به ما انتقص أيضاً من فروضها وشروطها. ويحتمل أن يراد ما ترك من الفرائض رأساً فلم يصله، فيعوض عنه من التطوع، والله تعالى يقبل من التطوعات الصحيحة عوضاً عن الصلوات المفروضة-انتهى. وقال ابن العربي: الأظهر عندي أنه يكمل بفضل التطوع ما نقص من فرض الصلاة وإعدادها؛ لقوله ثم الزكاة كذلك وسائر الأعمال، وليس في الزكاة إلا فرض أو فضل، فكما يكمل فرض الزكاة بفضلها كذلك الصلاة، وفضل الله أوسع، وكرمه أعم وأتم. (ثم يكون سائر عمله) من الصوم والزكاة وغيرهما. (على ذلك) أي إن انتقص فريضة من سائر الأعمال المفروضة تكمل بالتطوع. (وفي رواية) ظاهره أن الألفاظ الآتية في طريق من طرق حديث أبي هريرة، وليس كذلك، فإن هذه

<<  <  ج: ص:  >  >>