فقال له: اكتب، قال: ما أكتب؟ قال: اكتب القدر، فكتب ما كان وما هو كائن إلى الأبد)) ، رواه الترمذي وقال: هذا حديث غريب إسناداً.
٩٥- (١٧) وعن مسلم بن يسار قال: سئل عمر بن الخطاب عن هذه الآية
ــ
خلق الله القلم، ثم قال: اكتب، فجرى بما هو كائن إلى يوم القيامة)) . فيجمع بينه وبين ما قبله بأن أولية القلم بالنسبة إلى ما عدا الماء والعرش، أو بالنسبة إلى ما منه صدر من الكتابة، أي أنه قيل له: اكتب أول ما خلق، وأما حديث أول ما خلق الله العقل فليس له طريق ثبت، وعلى تقدير ثبوته فهذا التقدير الأخير هو تأويله، واختلف في أيهما خلق أولاً، العرش أو القلم؟ والأكثر على سبق خلق العرش، واختار ابن جرير ومن تبعه الثاني - انتهى. مختصراً. قال:(ما أكتب) ما استفهامية مفعول مقدم على الفعل. قال:(اكتب القدر) بفتحتين أي المقدر المقضي، وفي جامع الترمذي:((قال: اكتب القدر ما كان وما هو كائن إلى الأبد)) . أي بغير زيادة لفظ "فكتب" قبل قوله: "ماكان"، وفي المصابيح: قال: القدر ما كان الخ. قال شراحه أي اكتب القدر، فنصبه بفعل مقدر، و"ما كان" بدل من القدر أو عطف بيان. (فكتب ما كان) المضي بالنسبة إليه - صلى الله عليه وسلم -، قال الطيبي: ليس حكاية عما أمر به القلم وإلا لقيل فكتب ما يكون، وإنما هو إخبار باعتبار حاله - عليه الصلاة والسلام - أي قبل تكلم النبي - صلى الله عليه وسلم - بذلك لا قبل القلم؛ لأن الغرض أنه أول مخلوق، نعم إذا كانت الأولية نسبية صح أن يراد ما كان قبل القلم، وقيل: ما كان يعني العرش والماء والريح (إلى الأبد) قيل: الأبد هو الزمان المستمر غير المنقطع، لكن المراد منه ههنا الزمان الطويل، يدل عليه رواية ابن عباس عند البيهقي والحاكم ففيها ((إلى أن تقوم الساعة)) . (رواه الترمذي) في أواخر القدر مع قصة في الحديث، وفي تفسير سورة نون والقلم بغير القصة باللفظ الذي ذكره الحافظ. (وقال: هذا حديث غريب إسناداً) أي لا متناً، والمراد به حديث يعرف متنه عن جماعة من الصحابة وانفرد واحد بروايته عن صحابي آخر، ومنه قول الترمذي: غريب من هذا الوجه، لكن وقع في نسخ جامع الترمذي عندنا في القدر "حديث غريب"، وفي التفسير "حديث حسن صحيح غريب" بغير ذكر لفظ "إسناداً" أو لفظ "من هذا الوجه"، ولعل المصنف ذكر كلام الترمذي بالمعنى، فإن قوله: غريب إسناداً. في معنى قوله: غريب من هذا الوجه. قيل وفي تحسينه نظر؛ لأن في سنده عبد الواحد بن سليم المكي البصري، وهو ضعيف لكن أخرجه أبوداود من غير طريق الترمذي مع اختلاف في اللفظ وسكت عليه هو والمنذري، وأخرجه أيضاً أحمد (ج٥: ص٣١٧) من طرق عن الوليد بن عبادة عن أبيه، وفي معنى الحديث عن ابن عباس عند الطبراني في الكبير وابن جرير وأبي يعلى وغيرهم، وعن أبي هريرة عند ابن عساكر، وعن معاوية بن قرة عن أبيه عند ابن جرير، فالظاهر أن الترمذي حسنه لتعدد طرقه ولشواهده.
٩٥- قوله:(وعن مسلم بن يسار) الجهني من أوساط التابعين، وثقة ابن حبان، وقال العجلي: تابعي ثقة إلا أنه لم يسمع من عمر، وبينهما نعيم بن ربيعة، كذلك رواه أبوداود. (عن هذه الآية) أي عن كيفية أخذ الله ذرية بني آدم