للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

يومئ إيماء صلاة الليل إلا الفرائض، ويوتر على راحلته))

ــ

القبلة فإن ذلك لا يضره على الصحيح. وقال ابن قدامة: وقبلة هذا المصلي حيث كانت وجهته، فإن عدل عنها نظرت فإن كان عدوله إلى جهة الكعبة جاز؛ لأنها الأصل، وإنما جاز تركها للعذر، فإذا عدل إليها أتى بالأصل، وإن عدل إلى غيرها عمداً فسدت صلاته؛ لأنه ترك قبلته عمداً. (يومئ) بياء مبدلة من همزة من أومأ. قال الطيبي: حال من فاعل يصلي، وكذا على راحلته. (إيماء) نصب على المصدرية أي يشير برأسه إلى الركوع والسجود من غير أن يضع جبهته على ظهر الراحلة، وكان يومئ للسجود أخفض من الركوع تمييزاً بينهما، وليكون البدل على وفق الأصل، وقد وقع ذلك صريحاً في حديث جابر الآتي في الفصل الثاني. (صلاة الليل) مفعول يصلي. وفيه أن المراد بقوله: {وحيث ما كنتم فولوا وجوهكم شطره} [١٤٤:٢] الفرائض. (إلا الفرائض) مستثنى من صلاة الليل أي لكن الفرائض. فلم يكن يصليها على الراحلة، فالاستثناء منقطع لا متصل؛ لأن المراد خروج الفرائض من الحكم ليلية أو نهارية. (ويوتر) بعد فراغه من صلاة الليل. (على راحلته) قال ابن الملك: يدل على عدم وجوب الوتر يعني؛ لأنه لو كان واجباً لما جازت صلاته على الدابة. قلت: الحديث نص في جواز الوتر على الدابة في السفر وهو من علامات عدم وجوب الوتر. واختلف فيه أهل العلم، فقال مالك والشافعي وأحمد بجوازه، وهو مروي عن على وابن عمر وعطاء بن أبي رباح والحسن البصري. وقولهم هو الحق. وقال أبوحنيفة وصاحباه: لا يجوز الوتر إلا على الأرض، كما في الفرائض وهو خلاف السنة الثابتة. قال محمد بن نصر المروزي في كتاب الوتر بعد رواية الأحاديث والآثار الدالة على جواز الوتر على الدابة ما لفظه: وزعم النعمان يعني أبا حنيفة أن الوتر على الدابة لا يجوز خلافاً لما روينا. واحتج له بعضهم بحديث رواه عن ابن عمر أنه نزل عن دابته فأوتر بالأرض. فيقال لمن احتج بذلك: هذا ضرب من الغفلة، هل قال أحد لا يحل للرجل أن يوتر بالأرض؟ إنما قال العلماء: لا بأس أن يوتر على الدابة، وإن شاء أوتر بالأرض, وكذلك كان ابن عمر يفعل ربما أوتر على الدابة، وربما أوتر على الأرض. (أي طلباً للأفضل) . وعن نافع أن ابن عمر كان ربما أوتر على راحلته، وربما نزل. وفي رواية: كان يوتر على راحلته، وكان ربما نزل- انتهى. وقال الشيخ عبد الحي اللكنوي في التعليق الممجد (ص١٣١) : أخذ أصحابنا يعني الحنفية بالآثار الواردة بنزول ابن عمر للوتر، وشيدوه بالأحاديث المرفوعة في نزوله - صلى الله عليه وسلم - للوتر. وقال المجوزون لأدائه على الدابة: إنه لا تعارض ههنا إذ يجوز أن يكون النبي - صلى الله عليه وسلم - فعل الأمرين، فأحيانا أدى الوتر على الدابة وأحياناً على الأرض واقتدى به ابن عمر. ويؤيده ما أخرجه الطحاوي في شرح معاني الآثار عن مجاهد عن محمد ابن إسحاق عن نافع قال: كان ابن عمر يوتر على الراحلة، وربما نزل فأوتر على الأرض. وذكر الطحاوي بعد ما أخرج آثار الطرفين الوجه في ذلك عندنا أنه قد يجوز أن يكون رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يوتر على الراحلة قبل أن

<<  <  ج: ص:  >  >>