المكي: إنه حديث صحيح، وإنه جملة الأحاديث التي هي نص لا يحتمل تأويلاً في جواز جمعي التقديم والتأخير-انتهى. قلت: وفي الباب أحاديث أخرى، وهي صريحة في الجمع الحقيقي، وسنذكرها. (رواه أبوداود) وأخرجه أيضاً النسائي والدارقطني (ص١٥٠) والبيهقي (ج٣ص١٦٢، ١٦٣) كلهم من طريق هشام بن سعد عن أبي الزبير عن أبي الطفيل عن معاذ. قال الحافظ في التلخيص (ص١٣٠) : وهشام لين الحديث، وقد خالف أوثق الناس في أبي الزبير، وهو الليث بن سعد. وقال في الفتح (ج٥ص٥٨٨) : وهشام مختلف فيه، وقد خالفه الحفاظ من أصحاب أبي الزبير، كمالك والثوري وقرة بن خالد وغيرهم-انتهى. قلت: هشام بن سعد المدني أبوعباد صاحب زيد بن أسلم، قد استشهد به مسلم في الصحيح، وعلق له البخاري في جامعه الصحيح، وضعفه ابن معين والنسائي وابن عدي. وقال الساجي: صدوق. وقال: أبوزرعة محله الصدق، وهو أحب إليّ من ابن إسحاق. وقال ابن أبي خيثمة عن ابن معين صالح، وليس بمتروك الحديث. وقال أبوداود: هشام بن سعد أثبت الناس في زيد بن أسلم. وقال الحاكم: أخرج له مسلم في الشواهد، كذا في التهذيب. وقال في البدر المنير: قال عبد الحق عن البزار: لم أر أحدا توقف عن حديثه- انتهى. فحديثه لا ينحط عن درجة الحسن، وعلى هذا فالحديث المذكور ليس بضعيف، كما تفوه النيموي، بل هو حسن بلا شك. وأما ما ذكر الحافظ من مخالفته لأصحاب أبي الزبير، وكأنه يشير إلى أن روايته بجمع التقديم شاذة، ففيه أنه ليس بين روايته وبين رواياتهم مخالفة ومعارضة أصلاً، فإن رواياتهم مجملة ساكتة عن بيان كيفية الجمع، ورواية هشام هذه مفصلة مفسرة، والمفسرة قاضٍ على المجمل، فيحمل هذا على ذاك، وللحديث طريق أخرى عن معاذ بن جبل أخرجها أحمد (ج٥ ص٢٤١، ٢٤٢) والترمذي وأبوداود وابن حبان والدارقطني (ص١٥٠) والبيهقي (ج٣ ص١٦٣) والحاكم في علوم الحديث (ص١١٩) بنحوه من رواية قتيبة عن الليث بن سعد عن يزيد بن أبي حبيب عن أبي الطفيل عن معاذ بن جبل، وهذا الطريق قد اضطربت فيه أقوال العلماء، قال في البدر المنير: للحفاظ في هذا الحديث خمسة أقوال: أحدها أنه حسن غريب، قاله الترمذي. ثانيها: أنه محفوظ صحيح، قاله ابن حبان. ثالثها: أنه منكر، قاله أبوداود. (حكاه الحافظ في التلخيص ص١٣٠) والمنذري في مختصر السنن) . رابعها: أنه منقطع، قاله ابن حزم. خامسها: أنه موضوع، قاله الحاكم. (في علوم الحديث ص١٢٠) وأصل حديث أبي الطفيل في صحيح مسلم، وأبوطفيل ثقة مأمون- انتهى. وقال الحافظ في الفتح (ج٥ ص٥٨٨) : وقد أعله جماعة من أئمة الحديث بتفرد قتيبة عن الليث. وقال في التلخيص (ص١٣٠) بعد ذكر هذا الحديث: قال الترمذي حسن غريب، تفرد به قتيبة، والمعروف عند أهل العلم حديث معاذ من حديث أبي الزبير عن أبي الطفيل عن معاذ،