١٣٥٤- (١٣) وعن أنس، قال:((كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا سافر وأراد أن يتطوع، استقبل القبلة
بناقته، فكبر، ثم صلى حيث كان وجهه ركابه))
ــ
الهيثمي في مجمع الزوائد (ج٢ ص١٦٠) بعد عزوه إلى الطبراني: ورجاله موثقون- انتهى. هذا وقد ظهر بما ذكرنا من أحاديث جمع التقديم ومتابعاتها، وهن ما حكي عن أبي داود أنه قال: ليس في جمع التقديم حديث قائم، وتحقق قوة وصحة ما قاله الشوكاني في النيل من أن بعضها صحيح وبعضها حسن، وذلك يرد قول أبي داود ليس في جمع التقديم حديث قائم- انتهى. وأما جمع التأخير فقد ورد فيه أحاديث كثيرة صحيحة صريحة مخرجة في الصحيحين وغيرهما. فمنها حديث أنس قال: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا ارتحل قبل أن تزيغ الشمس أخر الظهر إلى وقت العصر ثم نزل يجمع بينهما، فإن زاغت قبل أن يرتحل صلى الظهر ثم ركب. متفق عليه. وفي رواية لمسلم: حتى يدخل أول وقت العصر ثم يجمع بينهما. ومنها حديث أنس أيضاً عن النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا عجل عليه السفر يؤخر الظهر إلى وقت العصر فيجمع بينهما ويؤخر المغرب حتى يجمع بينها وبين العشاء حين يغيب الشفق، رواه مسلم، ومنها ما روي عن نافع أن ابن عمر كان إذا جدّ به السير جمع بين المغرب والعشاء بعد أن يغيب الشفق، ويقول: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان إذا جد به السير جمع بين المغرب والعشاء. رواه مسلم. ومنها حديث جابر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - غابت له الشمس بمكة، فجمع بينهما بسرف. رواه أبوداود والنسائي. وهذه الروايات صريحة في الجمع في وقت إحدى الصلاتين، وفيها إبطال تأويل الحنفية في قولهم: إن المراد بالجمع الجمع الصوري، أي الفعلي يعني تأخير الأولى إلى آخر وقتها وتقديم الثانية إلى أول وقتها، وأما ما يذكر من الروايات المخرجة في غير الصحيحين الدالة على الجمع الصوري، فهي لا توازي روايات الصحيحين.
١٣٥٤- قوله:(إذا سافر) سفراً قصيراً أو طويلاً، وقيل: المراد السفر الشرعي. (وأراد) وفي أبي داود فأراد. (أن يتطوع) أي يتنفل راكباً والدابة تسير. (استقبل القبلة بناقته) وفي أبي داود: استقبل بناقته القبلة أي ليحصل استقبال القبلة وقت افتتاح الصلاة. (فكبر) أي للتحريمة عقب الاستقبال. (ثم صلى) أي ثم استمر في صلاته، قاله ابن حجر. وقال الطيبي: ثم ههنا للتراخي في الرتبة، ولما كان الاهتمام بالتكبير أشد لكونه مقارناً بالنية خص بالتوجه إلى القبلة. (حيث وجهه ركابه) أي ذهب به مركوبه. مستقبل القبلة أو غير مستقبلها، وفي دليل على مشروعية استقبال القبلة بالتكبير حال ابتداء الصلاة، وقد تقدم الكلام فيه. قال ابن القيم بعد ذكر هذا الحديث: وفي هذا الحديث نظر، وسائر من وصف صلاته صلى الله عليه وسلم على راحلته أطلقوا أنها كان يصلي عليها قبل أي جهة توجهت به، ولم يستثنوا من ذلك تكبيرة الإحرام ولا غيرها كعامر