للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

للجنة، وبعمل أهل الجنة يعملون، ثم مسح ظهره فاستخرج منه ذريته، فقال: خلقت هؤلاء للنار، وبعمل أهل النار يعملون. فقال رجل: ففيم العمل يا رسول الله؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: إن الله إذا خلق العبد للجنة استعمله بعمل أهل الجنة حتى يموت على عمل من أعمال أهل الجنة فيدخله به الجنة، وإذا خلق العبد للنار استعمله بعمل أهل النار حتى يموت على عمل من أعمال أهل النار فيدخله به النار)) ، رواه مالك والترمذي وأبوداود.

ــ

الحكيم الترمذي: أنه تعالى تجلى للكفار بالهيبة، فقالوا: بلى، مخافة، فلم يك ينفعهم إيمانهم كإيمان المنافقين، وتجلى للمؤمنين بالرحمة، فقالوا: بلى طوعاً، فنفعهم إيمانهم. قال: وإنما لا نذكر العهد السابق والميثاق الأزلي؛ لأن تلك البنية قد انقضت وتداولت الإنسان الغير بمرور الدهور عليها في أصلاب الآباء وأرحام الأمهات، ثم زاد الله تعالى في تلك البنية أجزاء كثيرة، ثم استحالت بتصريفها في الأطوار الواردة عليها من العلقة والمضغة واللحم والعظم، وهذا كله مما يوجب الوقوع في النسيان - انتهى. ويذكر عن علي - رضي الله عنه - وسهل بن عبد الله التستري وذي النون المصري وغيرهم ما يدل على أنهم كانوا يذكرون ذلك العهد، والله تعالى أعلم. هذا، ونذكر مزيد الكلام في شرح حديث ابن عباس الآتي في الفصل الثالث فانتظر. (وبعمل أهل الجنة) أي من الطاعات (يعملون) إما في جميع عمرهم أو في خاتمة أمرهم. (ثم مسح ظهره) . قال القاري: أي بيده كما في نسخة - انتهى. وكذا وقع هذا اللفظ في المصابيح، وليس هو في مسند أحمد وجامع الترمذي وسنن أبي داود. (وبعمل أهل النار) أي من السيئات (يعملون) كما سبق (ففيم العمل) الفاء أدخل جواب الشرط المقدر، أي إذا كان كما ذكرت يا رسول الله من سبق القدر ففي أي شيء يفيد العمل، أو بأي شيء يتعلق العمل، أو فلأي شيء أمرنا بالعمل؟ يعني أنه حيث خلق له، ولا يتصور تغييره وتبديله يستوى عمله وتركه. (استعمله) أي جعله عاملاً ووفقه للعمل. (حتى يموت) الخ فيه إشارة إلى أن المدار على عمل مقارن للموت. والحديث يدل على سبق القضاء والتقدير قبل خلق العالم بحسب علمه الأزلي بما يقع بعد الخلق، وذلك كنتيجة الخلق في علمه تعالى بعد الخلق وعطاء الاختيار للعباد. (رواه مالك) في جامع من الموطأ (والترمذي) في تفسير الأعراف وقال: حديث حسن، ومسلم بن يسار لم يسمع من عمر الخ. وإنما حسنه مع كونه منقطعاً؛ لأن معنى الحديث قد صح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - من وجوه ثابتة كثيرة من حديث عمر وغيره. والترمذي قد يحسن الحديث المنقطع والمرسل لشواهده. (وأبوداود) في السنة من طريق مسلم بن يسار عن عمر، ومن طريق مسلم بن يسار عن نعيم بن ربيعة عن عمر وسكت عليه، ونعيم هذا وثقة ابن حبان، وقال الحافظ: هو مقبول، وأخرجه أحمد (ج١: ص٤٤) والنسائي في تفسيره، والبخاري في

<<  <  ج: ص:  >  >>