للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

((نحن الآخرون من أهل الدنيا، والأولون يوم القيامة المقضي لهم قبل الخلائق)) .

١٣٦٦- (٣) وعن أبي هريرة، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((خير يوم طلعت عليه الشمس يوم الجمعة، فيه خلق آدم، وفيه أدخل الجنة، وفيه أخرج منها،

ــ

عنه أي عنهما جميعاً. (نحن الآخرون) أي الذين تأخروا عنهم في حال كوننا وإياهم. (من أهل الدنيا والأولون يوم القيامة) أي من أهل الآخرة في السبق لهم. قال الطيبي: اللام في "الآخرين" موصولة و"من أهل الدنيا" حال من الضمير في الصلة وقوله. (المقضي لهم قبل الخلائق) صفة "الآخرون"، أي الذين يقضى لهم قبل الناس ليدخلوا الجنة أولا كأنه قيل الآخرون السابقون- انتهى. وهذه الرواية أخرجها النسائي وابن ماجه أيضاً.

١٣٦٦- قوله: (خير يوم) قال صاحب المفهم: خير وشر يستعملان للمفاضلة ولغيرها، فإذا كانا للمفاضلة فأصلهما أخير وأشر على وزن أفعل، وأما إذا لم يكونا للمفاضلة، فهما من جملة الأسماء، كما قال تعالى: {إن ترك خيراً} . (١٨٠:٢) ، {ويجعل الله فيه خيراً كثيراً} [٦:٣٨] وهو في هذا الحديث للمفاضلة، ومعناه أن يوم الجمعة أفضل من كل يوم طلعت شمسه. (طلعت عليه) أي ما فيه. (الشمس) جملة "طلعت" صفة "يوم" للتنصيص على التعميم، كما قالوا في قوله تعالى: {ولا طائر يطير بجناحيه} [٦:٣٨] فإن الشيء إذا وصف بصفة تعم جنسه يكون تنصيصاً على اعتبار استغراقه إفراد الجنس. (يوم الجمعة) فيه أن أفضل الأيام يوم الجمعة، فيكون أفضل من يوم عرفة، وبه جزم ابن العربي، ويشكل على ذلك ما أخرجه ابن حبان في صحيحه عن جابر مرفوعاً: ما من يوم أفضل عند الله من يوم عرفة- الحديث. وقد جمع العراقي فقال: المراد بتفضيل الجمعة بالنسبة إلى أيام الجمعة أي أيام الأسبوع، وتفضيل يوم عرفة بالنسبة إلى أيام السنة، وصرح بأن حديث أفضلية الجمعة أصح، وفي حاشية الموطأ نقلاً عن المحلى ظاهر الحديث أن الجمعة أفضل من عرفة، وبه قال أحمد، وهو وجه للشافعية، والأصح عندهم أن عرفة أفضل ويتأول الحديث بأنها أفضل أيام الأسبوع، ويظهر فائدة الاختلاف فيمن نذر الصيام أو علق عملاً من الأعمال بأفضل الأيام مثلاً قال لزوجته: أنت طالق في أفضل الأيام فتطلق يوم عرفة على أصح الوجهين عند الشافعية ويوم الجمعة على الوجه الثاني، وهذا إذا لم يكن له نية فأما إن أراد أفضل أيام السنة فتعيين يوم عرفة، وإن أراد أفضل أيام الأسبوع فتعيين الجمعة. (وفيه أدخل الجنة) فيه دليل على أن آدم لم يخلق في الجنة بل خلق خارجها ثم أدخل إليها. قيل: إن خلقه وإدخاله كانا في يوم واحد، ويحتمل أنه خلق يوم الجمعة ثم أمهل إلى يوم جمعة أخرى فأدخل فيه الجنة، وكذا الاحتمال في يوم الإخراج. (وفيه أخرج منها) قال ابن كثير: إن كان يوم خلقه يوم إخراجه وقلنا الأيام الستة، كهذه الأيام فقد أقام في الجنة بعض يوم من أيام الدنيا، وفيه نظر وإن كان إخراجه في غير يوم الذي

<<  <  ج: ص:  >  >>