وزاد مسلم، قال: وهي ساعة خفيفة. وفي رواية لهما، قال:((إن في الجمعة لساعة لا
يوافقها مسلم قائم يصلي يسأل الله خيراً إلا أعطاه إياه)) .
ــ
(وزاد مسلم قال) أي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. (وهي ساعة خفيفة) أي لطيفة. وفي رواية لهما: وأشار أي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بيده ليقللها. فإن قلت قد روى أبوداود والحاكم عن جابر مرفوعاً: يوم الجمعة ثنتا عشرة ساعة لا يوجد عبدمسلم يسأل الله شيئاً إلا أعطاه الله عزوجل فالتمسوها آخر ساعة بعد العصر- انتهى. ومقتضاه أنها غير خفيفة، أجيب بأنه ليس المراد أنها مستغرقة للوقت المذكور، بل المراد أنها لا تخرج عنه؛ لأنها لحظة خفيفة. (وفي رواية لهما) أي للبخاري ومسلم. (قال) النبي - صلى الله عليه وسلم -. (إن في الجمعة لساعة) قال الجزري: هي أرجح أوقات الإجابة. (لا يوافقها) أي لا يجدها. (مسلم قائم) أي ثابت في مكانه أو ملازم مواظب على حد قوله: {ما دمت عليه قائماً} . (يصلي) أي ينتظر الصلاة أو يدعوا. وإنما أوّلنا بذلك ليتوافق جميع الروايات. (يسأل الله) فيها. (خيراً إلا أعطاه إياه) قال الطيبي قوله: قائم يصلي الخ. كلها صفات لمسلم. ويجوز أن يكون يصلي حالاً لاتصافه بقائم، ويسأل إما حال مترادفة أو متداخلة. زاد النووي: إذ معنى يصلي يدعو، كذا في المرقاة، واعلم أنه اختلفت الأحاديث في تعيين ساعة الإجابة، وبحسب ذلك اختلف أقوال الصحابة والتابعين والأئمة بعدهم. قال الحافظ في الفتح: قد اختلف أهل العلم من الصحابة والتابعين ومن بعدهم في هذه الساعة هل هي باقية أو رفعت؟ وعلى البقاء هل هي في كل جمعة أو في جمعة واحدة من كل سنة؟ وعلى الأول هل هي وقت من اليوم معين أو مبهم؟ وعلى التعيين هل تستوعب الوقت أو تبهم فيه؟ وعلى الإبهام ما ابتداءه وما انتهاءه؟ وعلى كل ذلك هل تستمر أو تتنقل؟ وعلى الانتقال هل تستغرق اليوم أو بعضه؟ ثم ذكر رحمه الله تلخيص ما اتصل إليه من الأقوال مع أدلتها وبيان حالها في الصحة والضعف والرفع والوقف والإشارة إلى مأخذ بعضها، وقد بلغت هذه الأقوال إلى أكثر من الأربعين قولاً، وليست كلها متغايرة من كل جهة، بل كثير منها يمكن اتحاده مع غيره. ورجح الحافظ منها قولين حيث قال بعد ذكرها: ولا شك أن أرجح الأقوال المذكورة حديث أبي موسى. (يعني الذي ذكره المصنف بعد هذا أنها ما بين أن يجلس الإمام على المنبر إلى أن تقضى الصلاة) وحديث عبد الله بن سلام. (يريد به ما يأتي في حديث أبي هريرة الطويل في الفصل الثاني من قوله: إنها في آخر ساعة بعد العصر في يوم الجمعة) قال المحب الطبري: اصح الأحاديث فيها حديث أبي موسى، وأشهر الأقوال فيها قول عبد الله بن سلام- انتهى. قال الحافظ وما عداها إما موافق لهما أو لأحدهما أو ضعيف الإسناد أو موقوف، استند قائله إلى اجتهاد دون توقيف. ولا يعارضهما حديث أبي سعيد في كونه - صلى الله عليه وسلم - أنسيهما بعد أن علمها، لاحتمال أن يكونا سمعا ذلك منه قبل أن أنسي، أشار إلى ذلك