للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وفيه تيب عليه، وفيه مات، وفيه تقوم الساعة، وما من دابة إلا وهي مصيخة يوم الجمعة من حين تصبح حتى تطلع الشمس، شفقاً من الساعة، إلا الجن والإنس. وفيه ساعة لا يصادفها عبد مسلم وهو يصلي

ــ

الإخراج من الجنة إلى السماء، والإهباط أي إنزال منها إلى الأرض، فيفيد أن كلاً منهما كان في يوم الجمعة: أما في يوم واحد: وإما في يومين، قيل: كان هبوط آدم على جبل بسرنديب في أرض الهند، يقال له نود. وقد أورد السيوطي في ذلك أحاديث في الدر المنثور. (وفيه تيب عليه) على بناء المفعول من التوبة أي وفق للتوبة وقبلت التوبة منه قال تعالى: {ثم اجتباه ربه فتاب عليه وهدى} [٢٠: ١٢٢] . (وفيه) أي في نحوه من أيام الجمعة. (مات) وله ألف سنة، كما في حديث أبي هريرة وابن عباس مرفوعاً. وقيل: إلا سبعين. وقيل: إلا ستين. وقيل: إلا الأربعين، قاله الزرقاني. واختلف أيضاً في موضع موته ومحل دفنه على أقوال، وصحح ابن كثير أنه مات على جبل نود بسرنديب في الهند، ودفن فيه موضع الذي أهبط عليه، والله أعلم. (وما من دابة) زيادة "من" لإفادة الاستغراق في النفي. (إلا وهي مصيخة) بالصاد المهملة والخاء المعجمة، من أصاخ أي مصغية مستمعة تتوقع قيام الساعة. وروى بسين بدل الصاد، وهما لغتان بمعنى. قال الجزري: والأصل الصاد، قال القاري: وفي أكثر نسخ المصابيح بالسين. (يوم الجمعة) ظرف لمصيخة. (من حين تصبح) قال الطيبي: بني على الفتح لإضافته إلى الجملة، ويجوز إعرابه إلا أن الرواية بالفتح. (حتى تطلع الشمس) ؛ لأن بطلوعها يتميز يوم الساعة عن غيره، فإنها تطلع في يوم الساعة من المغرب. (شفقاً من الساعة) أي خوفاً من قيامها فيه أن البهائم تعلم الأيام بعينها، وأنها تعلم أن القيام تقوم يوم الجمعة، ولا تعلم وقائع التي بين زمانها وبين القيامة، أو ما تعلم أن تلك الوقائع ما وجدت الآن. (إلا الجن والإنس) استثناء من الجنس؛ لأن اسم الدابة يقع على كل ما دب. قال الباجي: وجه عدم إشفاقهم أنهم علموا أن بين يدي الساعة شروطاً ينتظرونها، وليس بالبين؛ لأنا نجد منهم من لا يصيخ وليس له علم بالشروط. وقال ابن عبد البر: فيه أن الجن والإنس لا يعلمون من أمر الساعة ما يعرفه غيرهم من الدواب، وهذا أمر يقصر عنه الفهم. وقال التوربشتي في شرح المصابيح: وجه إساخة كل دابة يوم الجمعة، وهي مما لا تعقل أن نقول: إن الله تعالى يجعلها ملهمة بذلك مستشعرة منه وغير مستنكر أمثال ذلك وما هو فوقه في العجب من قدرة الله سبحانه، والحكمة في إخفاء ذلك من الجن والإنس أنهم مكلفون، ولا سيما بالإيمان بالغيب، فإذا كوشفوا بشيء من ذلك أخلت قاعدة الابتلاء وحق القول عليهم بالاعتداء، ثم أنهم لا يستطيعون به سمعاً إن أظهر لهم، ويجوز أن يكون وجه إساخة كل دابة يوم الجمعة أن الله تعالى يظهر يوم الجمعة في أرضه من عظائم الأمور وجلائل الشيءون ما تكاد الأرض تميد بها، فتبقى كل دابة ذاهلة دهشة كأنها مسيخة للرعب الذي تداخلها وللحالة التي تشاهدها، حتى كأنها تشفق شفقتها من قيام الساعة. (وفيه ساعة) خفيفة. (لا يصادفها) أي لا يوافقها. (وهو يصلي)

<<  <  ج: ص:  >  >>