وجاوزهم. (يوم الجمعة) ظاهر التقييد بيوم الجمعة أن الكراهة مختصة به. ويحتمل أن يكون التقييد خرج مخرج الغالب لاختصاص الجمعة بكثرة الناس بخلاف سائر الصلوات فلا يختص ذلك بالجمعة، بل يكون حكم سائر الصلوات حكمها. ويؤيد ذلك التعليل بالأذية، كما في بعض الروايات. وظاهر هذا التعليل أن ذلك يجري في مجالس العلم وغيرها. ويؤيده أيضاً ما أخرجه الديلمي في مسند الفردوس من حديث أبي أمامة مرفوعاً: من تخطى حلق قوم بغير إذنهم فهو عاص، لكن في إسناده جعفر بن الزبير، وقد كذبه شعبة وتركه الناس، وقال العيني: تقييد التخطي بيوم الجمعة هو المذكور في الأحاديث، وكذلك قيده الترمذي في حكايته عن أهل العلم، وكذلك قيده الشافعية في كتب فقههم في أبواب الجمعة، وكذلك هو عبارة الشافعي في الأم، إذ قال: وأكره تخطى رقاب الناس يوم الجمعة لما فيه من الأذى وسوء الأدب-انتهى. لكن هذا التعليل يشمل الجمعة وغيرها سائر الصلوات في المساجد وغيرها، وسائر المجامع من حلق العلم وسماع الحديث ومجالس الوعظ، فيحمل التقييد بالجمعة على أنه خرج مخرج الغالب لاختصاص الجمعة بمكان الخطبة وكثرة الناس بخلاف غيره. ويؤيد ذلك ما رواه أبومنصور الديلمي في مسند الفردوس من حديث أنس فذكره. (اتخذ) على بناء المفعول أي يجعل يوم القيامة (جسراً) بفتح الجيم وسكون المهملة أي معبراً يمر عليه من يساق. (إلى جهنم) مجازاة له بمثل عمله. ويجوز بناءه للفاعل أي اتخذ لنفسه بصنيعه ذلك طريقا يؤديه إلى جهنم لما فيه من إيذاء الناس واحتقارهم. فكأنه جسرا اتخذه إلى جهنم، أو المعنى اتخذ نفسه جسراً الأهل جهنم، إلى جهنم بذلك العمل، والثالث أبعد الوجوه. وقال الطيبي: والشيخ التوربشتي ضعف المبني للمفعول رواية ودراية-انتهى. والحديث يدل على كراهة التخطي يوم الجمعة. واختلف في حكمه أنه للتحريم أو لا، فقال الترمذي حاكيا عن أهل العلم أنهم كرهوا ذلك وشددوا فيه. قال العيني: المتقدمون يطلقون الكراهة. ويريدون التحريم. وحكى الشيخ أبوحامد في تعليقه عن نص الشافعي التصريح بتحريمه، وصرح النووي في شرح المهذب أنه مكروه بكراهة تنزيه. وقال في زوائد الروضة: إن المختار تحريمه للأحاديث الصحيحة، واقتصر أصحاب أحمد على الكراهة فقط-انتهى كلام العيني. ويكره عند المالكية لغير فرجة قبل جلوس الإمام على المنبر، ويحرم بعده ولو لفرجة، ثم اختلفوا في أنه هل يستثنى أحد من كراهة التخطي أو لا، فقال الحنفية: يجوز التخطي بشرطين: عدم الإيذاء وعدم خروج الإمام؛ لأن الإيذاء حرام والتخطي عمل، والعمل بعد خروج الإمام حرام، فلا يرتكبه لفضيلة الدنو من الإمام، بل يستقر في موضعه من المسجد، ذكره الطحطاوي على المراقى. وقد تقدم مذهب المالكية. وقال الشافعية إنه مكروه إلا أن يكون قدامه فرجة لا يصلها إلا بالتخطي، فلا يكره حينئذٍ. وقال ابن المنذر: بكراهته مطلقاً، ونقل ذلك عن سلمان الفارسي وأبي هريرة وكعب وابن المسيب وعطاء وأحمد بن حنبل. وفي فقه الحنابلة أنه يستثنى الإمام والمؤذن