للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

يوم الجمعة والإمام يخطب)) .

ــ

لا يكون معها تمكن، فربما تفضي إلى انتفاض الطهارة فيمنعه الاشتغال بالطهارة عن استماع الخطبة وحضور الذكر إن لم تفته الصلاة، مع ما يتوقع منه من الافتتان في الصلاة لغلبة الحياء ممن يخلو عن علم يسوسه وورع يحجزه-انتهى. (يوم الجمعة، والإمام يخطب) قال القاري: هو قيد احترازي، والأول واقعي اتفاقي أو تأكيدي-انتهى. وقال الشوكاني: وقد ورد النهي عن الاحتباء مطلقاً غير مقيد بحال الخطبة ولا بيوم الجمعة؛ لأنه مظنة؛ لأنكشاف عورة من كان عليه ثوب واحد. وقد اختلف أهل العلم في كراهة الاحتباء يوم الجمعة، فقال بالكراهة قوم من أهل العلم، كما قال الترمذي، منهم عبادة بن نسي التابعي. قال العراقي: وورد عن مكحول وعطاء والحسن أنهم كانوا يكرهون أن يحتبوا، والإمام يخطب يوم الجمعة. رواه ابن أبي شيبة في المصنف، قال: ولكنه قد اختلف عن الثلاثة، فنقل عنهم القول بالكراهة، ونقل عنهم عدمها. واستدل من قال بالكراهة بحديث معاذ بن أنس، وبحديث عبد الله بن عمرو بن العاص عند ابن ماجه، وفي سنده بقية بن الوليد، وهو مدلس، وقد رواه بالعنعنة عن شيخه عبد الله بن واقد. قال العراقي: لعله من شيوخه المجهولين. وقال الحافظ في التقريب: عبد الله بن واقد شيخ لبقية مجهول، يحتمل أن يكون الهروي يعني عبد الله بن واقد بن الحارث الحنفي الهروي، وهو ثقة موصوف بخصال من الخير، وبحديث جابر عند ابن عدي في الكامل، وفي إسناده عبد الله بن ميمون القداح، وهو ذاهب الحديث كما قال البخاري. وقال الشوكاني: وهذه الأحاديث يقوي بعضها بعضاً. وذهب أكثر أهل العلم- كما قال العراقي-إلى عدم الكراهة، فروى أبوداود والطحاوي والبيهقي (ج٣ص٢٣٥) عن يعلى بن شداد قال: شهدت مع معاوية فتح بيت المقدس فجمع بنا، فإذا جل من في المسجد أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم -، فرأيتهم محتبين والإمام يخطب. روى الطحاوي وابن أبي شيبة عن ابن عمر أنه كان يحتبى يوم الجمعة والإمام يخطب. وذكر أبوداود عن أنس بن مالك وشريح القاضي وصعصعة بن صوحان التابعي المخضرم وابن المسيب والنخعي ومكحول وإسماعيل بن محمد بن سعد ونعيم بن سلامة أنهم كانوا يحتبون والإمام يخطب، قال أبوداود ولم يبلغني أن أحدا كرهها إلا عبادة ابن نسي. وقال ابن عبد البر: ولم يرو عن أحد من الصحابة خلافه، ولا روي عن أحد من التابعين كراهة الاحتباء إلا وقد روى عنه جوازه-انتهى. قلت: وإلى عدم الكراهة ذهب الأئمة الأربعة وغيرهم، واعتذر هؤلاء عن أحاديث الباب بوجوه: منها أنها كلها ضعيفة. وفيه أن حديث معاذ قد حسنه الترمذي وسكت عليه أبوداود، وصححه الحاكم، وله شاهدان ضعيفان من حديث عبد الله بن عمرو وحديث جابر، كما تقدم. ومنها أنها منسوخة لعمل جل الصحابة بخلافها، وإليه يشير صنيع أبي داود حيث روى حديث يعلى المتقدم بعد حديث معاذ بن أنس، وذكر عن ابن عمر وغيره أنهم كانوا يحتبون يوم الجمعة، والإمام يخطب إلى آخر ما قال. وذكر

<<  <  ج: ص:  >  >>