١٤٢٢- (٩) وعن أم هشام بنت حارثة بن النعمان، قالت: ما أخذت {ق والقرآن المجيد} إلا عن لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقرأها في كل جمعة على المنبر إذا خطب الناس)) .
ــ
بهم الأحوال، فيسكتون أوقاتاً لغلبة اليأس عليهم، ويستغيثون أوقاتاً لشدة ما بهم. (ليقض علينا ربك) أي بالموت قال الطيبي: من قضي عليه أماته. ومنه قوله:{فوكزه موسى فقضى عليه}[٢٨: ١٥] أي أماته. ومعنى الآية يقول الكفار لمالك خازن النار سل ربك أن يقضي علينا، يقولون هذا لشدة ما بهم، فيجابون بقوله:{إنكم ماكثون} أي خالدون. وفيه نوع استهزاء بهم دل هذا الحديث وما قبله. وقوله تعالى:{إن أنت إلا نذير}[٣٥: ٢٣] ، وقوله تعالى:{وإن من أمة إلا خلا فيها نذير}[٣٥: ٢٤] ، وقوله تعالى:{ليكون للعالمين نذيراً}[٢٥: ١] ، على أن الناس إلى الإنذار والتخويف أحوج منهم إلى التبشير لتماديهم في الغفلة وانهماكهم في الشهوات. (متفق عليه) أخرجه البخاري في ذكر الملائكة وصفة النار من بدء الخلق، وفي تفسير سورة الزخرف، ومسلم في الصلاة وأخرجه أيضاً أحمد (ج٤ص٢٢٣) والترمذي في الصلاة وأبوداود في القراءات والنسائي في السنن الكبرى والبيهقي (ج٣ص٢١١) .
١٤٢٢- قوله:(وعن أم هشام بنت حارثة النعمان) هي أخت عمرة بنت عبد الرحمن لأمها، الأنصارية النجارية. قال أحمد بن زهير: سمعت أبي يقول: أم هشام بنت حارثة بايعت بيعة الرضوان، ذكره ابن عبد البر في الاستيعاب، ولم يذكر اسمها. وذكرها الحافظ في الإصابة والتهذيب والتقريب "ولم يسمها" أيضاً، وقال في التقريب صحابية مشهورة. (قالت: ما أخذت) أي ما حفظت (ق والقرآن المجيد) أي هذه السورة. (يقرأها) قال الطيبي: نقلاً عن المظهر، وتبعه ابن الملك: إن المراد أول السورة لا جميعها؛ لأنه عليه الصلاة والسلام لم يقرأها جميعها في الخطبة. وقال ابن حجر: أي كلها وحملها على أول السورة صرف للنص عن ظاهره-انتهى. وقال القاري: الظاهر أنه كان يقرأ في كل جمعة بعضها، فحفظت الكل في الكل. قلت: الظاهر عندي ما قاله ابن حجر. والله تعالى أعلم. (كل جمعة على المنبر إذا خطب الناس) فيه دليل على مشروعية قراءة سورة ق في الخطبة كل جمعة. قال العلماء: وسبب اختياره صلى الله عليه وسلم هذه السورة لما اشتملت عليه من ذكر البعث والموت والمواعظ الشديدة والزواجر الأكيدة. وفيه دلالة لقراءة شيء من القرآن في الخطبة كما سبق، وقد قام الإجماع على عدم وجوب قراءة السورة المذكورة ولا بعضها في الخطبة، وكانت محافظته على هذه السورة اختيارا منه لما هو الأحسن في الوعظ والتذكير. وفيه دلالة على ترديد الوعظ، كذا في السبل. قال الشوكاني بعد ذكر أحاديث ورد فيها ذكر قراءة القرآن في الخطبة. وقد استدل بحديث الباب وما ذكرناه من الأحاديث على مشروعية قراءة شيء من القرآن