للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

......................

ــ

ولا يعتد بخلاف بني أمية؛ لأنه مسبوق بالإجماع الذي كان قبلهم، ومخالف لسنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الصحيحة، وقد أنكر عليهم فعلهم، وعد بدعة ومحالفاً للسنة – انتهى. فلو خطب قبل الصلاة فهو كمن لم يخطب؛ لأنه خطب في غير محل الخطبة فيعيد الخطبة بعد الصلاة فإن لم يفعل صحت الصلاة، وقد أساء لترك السنة، وإليه ذهب المالكية والحنابلة، قال الباجي: وما روي عن أبي سعيد من إنكاره على مروان تقديم الخطبة إنما كان على وجه الكراهة، ولذلك شهد مع مروان العيد، ولو كان أمراً محرماً أو شرطاً في صحة الصلاة لما شهده، وحكى القاري عن ابن الهمام لو خطب قبل الصلاة خالف السنة، ولا يعيد الخطبة، وقال ابن المنذر: أجمع العلماء على أنها بعد الصلاة، ولا يجزئ التقديم، وأما الصلاة فصحيحة اتفاقاً – انتهى. وفي مختصر المزني عن الشافعي ما يدل على عدم الاعتداد بالصلاة مع تقديم الخطبة، وكذا قال النووي في شرح المهذب: إن ظاهر نص الشافعي أنه لا يعتد بها، وقال: وهو الصواب، وهذا يدل على أن تقديم الخطبة على صلاة العيد حرام عند الشافعي، وهو مذهب الشافعية، كما هو مصرح في كتب فروعهم، قيل: وجه الفرق بين الجمعة وغيرها في تقديم الخطبة وتأخيرها أن خطبة الجمعة فريضة، فلو قدمت الصلاة على الخطبة ربما يتفرق جماعة من الناس إذا صلوا الصلاة، ولا ينتظرون الخطبة فيأثمون، وأما خطبة العيد فسنة، فلو صلى بعض القوم فلم ينتظروا استماع الخطبة لا إثم عليهم، واختلف في أول من خطب قبل الصلاة، فروي عن عمر أنه فعل ذلك، قال عياض ومن تبعه كابن العربي والعراقي: لا يصح عنه، قال الحافظ: وفيما قالوه نظر؛ لأن عبد الرزاق وابن أبي شيبة روياه جميعاً بإسناد صحيح، لكن يعارضه حديث ابن عباس وحديث ابن عمر المذكوران، فإن جمع بوقوع ذلك منه نادراً، وإلا فما في الصحيحين أصح، وروى ابن المنذر بإسناد صحيح إلى الحسن البصري قال: أول من خطب قبل الصلاة عثمان، صلى بالناس ثم خطبهم يعني على العادة، فرأى ناساً لم يدركوا الصلاة، ففعل ذلك أي صار يخطب قبل الصلاة، قال الحافظ: يحتمل أن يكون عثمان فعل ذلك أحياناً، وروى عبد الرزاق عن ابن جريج عن الزهري قال: أول من أحدث الخطبة قبل الصلاة في العيد معاوية، وروى مسلم عن طارق بن شهاب قال: أول من بدأ بالخطبة يوم العيد قبل الصلاة مروان، وقد أخرج الشافعي عن عبد الله بن يزيد نحو حديث ابن عباس المذكور، وزاد: حتى قدم معاوية فقدم الخطبة، فهذا يشير إلى أن مروان إنما فعل ذلك تبعاً لمعاوية؛ لأنه كان أمير المدينة من جهته، وروى ابن المنذر عن ابن سيرين أن أول من فعل ذلك زياد بالبصرة، قال عياض: ولا مخالفة بين هذين الأثرين وأثر مروان؛ لأن كلاً من مروان وزياد كان عاملاً لمعاوية، فيحمل على أنه ابتدأ ذلك وتبعه عماله، والله أعلم. وقد ظهر بما قدمنا أن العلة التي ذكرت لتقديم عثمان الخطبة على الصلاة غير التي اعتل بها مروان؛ لأن عثمان راعى مصلحة الجماعة في إدراكهم الصلاة، وأما مروان فراعى مصلحتهم في إسماعهم الخطبة، لكن قيل: إنهم كانوا في زمن مروان يتعمدون

<<  <  ج: ص:  >  >>