للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

١١١- (٣٣) وعن عائشة - رضي الله عنها - قالت: قلت: ((يا رسول الله ذراري المؤمنين؟ قال: من آبائهم، فقلت: يا رسول الله بلا عمل؟ قال: الله أعلم بما كانو عاملين. قلت: فذراري المشركين؟ قال: من آبائهم، قلت: بلا عمل؟ قال: الله أعلم بما كانوا عاملين)) ، رواه أبوداود.

١١٢- (٣٤) وعن ابن مسعود قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((الوائدة والموؤدة في النار)) ،

ــ

صحيح على شرطهما. وأقره الذهبي، وأخرجه الترمذي وأحمد (ج٣:ص٤٢٩) والطبراني في الكبير، وأبونعيم في الحية، والحاكم (ج١:ص٤٢) عن أبي عزة أيضاً، وصححه الترمذي والحاكم، وفي الباب أيضاً عن ابن مسعود أخرجه الحاكم (ج١:ص٤٢، ٤١) قال الذهبي: على شرط الشيخين.

١١١- قوله: (ذراري المؤمنين) خبر مبتدأ محذوف، أي ما حكم ذراريهم، أهم في الجنة أم النار؟ (قال من آبائهم) من اتصالية كقوله تعالى: {المنافقون والمنافقات بعضهم من بعض} [٦٧:٩] . فالمعنى أنهم متصلون بآبائهم، فلهم حكمهم. قال التوربشتي: أي معدودون من جملتهم؛ لأن الشرع يحكم بالاسلام لإسلام أحد الأبوين، ويأمر بالصلاة عليهم، وبمراعاة أحكام المسلمين. وكذلك يحكم على ذراري المشركين بالاسترقاق ومراعاة أحكامهم وبانتفاء التوارث بينهم وبين المسلمين، فهم ملحقون في ظاهر الأمر بآبائهم. (قلت بلا عمل) هذا وارد منها على سبيل التعجب. (قال الله أعلم بما كانوا عاملين) أي لو بلغوا، رداً لتعجبها وإشارة إلى القدر ولهذا أورد الحديث في باب القدر. قال التوربشتي: يعني أنهم تبع لآبائهم في الدنيا، وأما في الآخرة فموكول أمرهم إلى علم الله تعالى بهم –انتهى. وقال القاضي: الثواب والعقاب ليسا بالأعمال وإلا لم يكن ذراري المسلمين والكفار من أهل الجنة والنار، بل الموجب اللطف الإلهي والخذلان المقدر لهم في الأزل، فالواجب فيهم التوقف وعدم الجزم فإن أعمالهم موكولة إلى علم الله فيما يعود إلى أمر الآخرة، والأعمال دلائل السعادة والشقاوة ولا يلزم من انتفاء الدليل انتفاء المدلول – انتهى. قلت: قد تقدم أن أولاد المسلمين يدخلون الجنة بالاتفاق، وأما أولاد المشركين فهم أيضاً من أهل الجنة على القول المحقق الصحيح المؤيد بالكتاب والسنة، وأما حديث عائشة هذا وأمثاله فمؤولة أو محمولة على أنه - صلى الله عليه وسلم - قال ذلك قبل أن يخبر أنهم من أهل الجنة (رواه أبوداود) في السنة وسكت عليه هو والمنذري، وأخرجه أيضاً أحمد.

١١٢- قوله: (الوائدة) أي التي تدفن الولد حياً، وقيل هي القابلة، وخصها بالذكر؛ لأن أكثر ما كان الوأد من النساء أو لخصوص السبب (والموؤدة في النار) قال القاري: وأد بنته يئدها وأدا فهي موؤدة إذا دفنها في القبر وهي حية، وهذا كان من عادة بعض قبائل العرب في الجاهلية خوفاً من الفقر أو فراراً من العار، قال القاضي: الوائدة في النار لكفرها وفعلها، والموؤدة فيها لكفرها تبعاً لأبويها، ففيه دليل على تعذيب أطفال المشركين، وأوله من نفاه بأن

<<  <  ج: ص:  >  >>