ومنها حديث أبي واقد الليثي وعائشة، أخرجه الطحاوي (ج٢ ص٣٩٩) والطبراني في الكبير، وفيه ابن لهيعة، وقد اضطرب في إسناده، وقال أبوحاتم: إنه باطل. ومنها حديث أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((التكبير في العيدين سبعاً قبل القراءة، وخمساً بعد القراءة)) أخرجه أحمد (ج٢ ص٣٥٧) ، وفيه أيضاً ابن لهيعة، وقال الحافظ في التلخيص: صحح الدارقطني في العلل أنه موقوف، وقال البخاري: الصحيح ما أخرج مالك يعني في الموطأ وغيره من الحفاظ عن نافع عن أبي هريرة موقوفاً يعني فعله. ومنها حديث عبد الله بن محمد بن عمار بن سعد عن أبيه عن جده قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يكبر في العيدين في الأولى سبع تكبيرات وفي الآخرة خمساً، أخرجه الدارقطني (ص١٨١) ، والدارمي والبيهقي (ج٣ ص٢٨٨) ، وفيه أيضاً عبد الرحمن بن سعد بن عمار المتقدم، وهو حديث مرسل على أن يعود الضمير في جده إلى عبد الله بن محمد أو هو الحديث الثالث من الأحاديث التي ذكرناها للاستشهاد على أن يعود الضمير إلى محمد والد عبد الله. ومنها حديث جابر بن محمد الآتي، وسيأتي الكلام فيه، وفي الباب آثار جمع من الصحابة تؤيد الأحاديث المرفوعة، وهي وإن كانت موقوفة لكنها مرفوعة حكماً؛ فإنه لا مساغ فيها للاجتهاد، فلا تكون رأياً إلا توقيفاً يجب التسليم لها. واحتج لأبي حنيفة بحديث سعيد بن العاص الآتي، وهو حديث موقوف لا مرفوع، كما ستعرف، وبما روى الطحاوي في شرح الآثار (ج٢ ص٤٠٠) من طريق عبد الله بن يوسف عن يحيى بن حمزة قال: حدثني الوضين بن عطاء أن القاسم أباعبد الرحمن حدثه قال: حدثني بعض أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: صلى بنا النبي - صلى الله عليه وسلم - يوم عيد فكبر أربعاً أربعاً، ثم أقبل علينا بوجهه حين انصرف، فقال: لا تنسوا كتكبير الجنازة، وأشار بأصبعه، وقبض إبهامه، قال الطحاوي: هذا حديث حسن الإسناد، وعبد الله بن يوسف ويحيى بن حمزة والوضين والقاسم كلهم أهل رواية معروفون بصحة الرواية – انتهى. قلت: في كون هذا الحديث حسن الإسناد نظر، بل هو ضعيف، فإن الوضين بن عطاء الدمشقي واهي الحديث سيء الحفظ، وقد تفرد به، قال ابن التركماني في الجوهر النقي (ج١ ص٢٩) : هو واهٍ، وقال ابن سعد: كان ضعيفاً في الحديث، وقال الجوجاني: واهي الحديث، وقال ابن قانع: ضعيف، وقال الحافظ: صدوق سيء الحفظ، والقاسم بن عبد الرحمن أبوعبد الرحمن الشامي الدمشقي ذكر ابن التركماني في الجوهر النقي (ج٢ ص٢٠) عن ابن حبان أنه قال: يروي عن أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المعضلات، ويأتي عن الثقات المقلوبات حتى يسبق إلى القلب أنه كان المتعمد لها- انتهى. ولا يغتر بتحسين الطحاوي، فإنه ليست عادته نقد الحديث كنقد أهل العلم، ولم يكن له معرفة بالإسناد كمعرفة أهل العلم به، وإن كان كثير الحديث فقيهاً عالماً باختلاف المذاهب.