للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أن ركباً جاؤا إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - يشهدون أنه رأوا الهلال بالأمس، فأمرهم أن يفطروا، وإذا أصبحوا أن يغدوا إلى مصلاهم. رواه أبوداود والنسائي.

ــ

عدالتهم على العموم (أن ركباً) جمع راكب، كصحب وصاحب (جاؤا إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - يشهدون أنه رأوا الهلال بالأمس) يعني لم يروا الهلال في المدينة ليلة الثلاثين من رمضان فصاموا يوم الثلاثين، فجاء قافلة في أثناء ذلك اليوم وشهدوا أنهم رأوا الهلال ليلة الثلاثين، وفي رواية أحمد وابن ماجه والدارقطني والبيهقي: أغمي علينا هلال شوال فأصبحنا صياماً، فجاء ركب من آخر النهار، فشهدوا عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنهم رأوا الهلال بالأمس. وفي رواية الطحاوي: أنهم شهدوا بعد الزوال، وبه أخذ أحمد وأبوحنيفة وغيرهما أن وقتها إلى زوالها إذ لو كانت صلاة العيد تؤدى بعد الزوال لما أخرها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى الغد (فأمرهم) أي الناس (أن يفطروا) أي ذلك اليوم؛ لأنه ثبت أنه يوم عيد الفطر (وإذا أصبحوا) أي في اليوم الثاني من شوال (أن يغدوا) أي يذهبوا في الغدوة أي جميعاً (إلى مصلاهم) لصلاة العيد، كما في رواية ابن ماجه وغيره، قال الشوكاني: الحديث دليل لمن قال: إن صلاة العيد تصلى في اليوم الثاني إن لم يتبين العيد إلا بعد خروج وقت صلاته، وإلى ذلك ذهب الأوزاعي والثوري وأحمد وإسحاق وأبوحنيفة وأبويوسف ومحمد، وهو قول للشافعي، وظاهر الحديث أن الصلاة في اليوم الثاني أداء لا قضاء – انتهى. وقال الخطابي في المعالم (ج١ ص٢٥٢) : وإلى هذا الحديث ذهب الأوزاعي وسفيان الثوري وأحمد بن حنبل وإسحاق. وقال الشافعي: إن علموا بذلك قبل الزوال خرجوا وصلى الإمام بهم صلاة العيد، وإن لم يعلموا إلا بعد الزوال لم يصلوا يومهم ولا من الغد؛ لأنه عمل في وقت إذا جاز ذلك الوقت لم يعمل في غيره، وكذلك قال مالك وأبوثور، قال الخطابي: سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أولى، وحديث أبي عمير صحيح، فالمصير إليه واجب – انتهى. قلت: وروى البيهقي عن الشافعي ما يدل على أنه علق القول به على صحة هذا الحديث، وقد تقدم أن الحديث صحيح، صححه غير واحد من الأئمة، فالقول به واجب. (رواه أبوداود والنسائي) وأخرجه أيضاً أحمد وابن ماجه في الصيام والدارقطني والبيهقي (ج٣ ص٣١٦) ، وابن حبان في صحيحه، وسكت عنه أبوداود والمنذري، وصححه الدارقطني والبيهقي والنووي وابن المنذر وابن السكن وابن حزم والخطابي والحافظ ابن حجر في بلوغ المرام. فائدة: اختلف العلماء فيمن لم يدرك صلاة العيد مع الإمام، فذهب المزني ومالك وأبوحنيفة إلى أنه لا يقضيها، وبه قال أحمد، قال ابن قدامة: من فاتته صلاة العيد أي مع الجماعة، فلا قضاء عليه – انتهى. وذهب الشافعي إلى أنه يقضيها، واختلفوا أيضاً في أنه كيف يقضي، فقال أبوحنيفة: إن شاء صلى وإن شاء لم يصل، فإن شاء صلى أربعاً وإن شاء صلى ركعتين، وإليه ذهب أحمد، قال ابن قدامة: من فاتته صلاة العيد فلا قضاء عليه، فإن أحب قضاءها فهو مخير إن شاء صلاها أربعاً، روي هذا

<<  <  ج: ص:  >  >>