وابن جرير الطبري والطبراني في الكبير والبيهقي. قال الشوكاني: رجال إسناده بعضهم ثقة وبعضهم صدوق وبعضهم مقبول. وقال الهيثمي: رجاله ثقات. وحديث مجاشع الآتي وغير ذلك من الأحاديث الدالة على مذهب الجمهور المقتضية للتأويل المذكور، وهي ترد على ما ذهب إليه ابن عمر والزهري وعطاء وصاحبه الأوزاعي، فالحق هو ما ذهب إليه الجمهور من إجزاء الجذع من الضأن سواء وجد غيره أم لا، وعدم إجزاء غيره من جذع الإبل والبقر والمعز مطلقاً، والله تعالى أعلم. قال إبراهيم الحربي: إنما يجزئ الجذع من الضأن؛ لأنه ينزو فيلقح، فإذا كان من المعز لم يلقح حتى يكون ثنياً. واختلف الجمهور القائلون بإجزاء جذع الضأن في سنه على آراء؛ أحدها: أنه ما أكمل سنة ودخل في الثانية، وهو الأصح عند الشافعية، وهو الأشهر عند أهل اللغة. ثانيها: نصف سنة، وهو قول الحنفية والحنابلة. ثالثها: سبعة أشهر، وحكاه صاحب الهداية عن الزعفراني. رابعها: سنة أو سبعة، حكاه الترمذي عن وكيع. خامسها: التفرقة بين ما تولد بين شابين فيكون له نصف سنة أو بين هرمين فيكون ابن ثمانية. سادسها: ابن عشر. سابعها: لا يجزئ حتى يكون عظيماً. قال صاحب الهداية: إنه إذا كانت عظيمة بحيث لو اختلطت بالثنيات اشتبهت على الناظر من بعيد أجزأت، كذا في الفتح (ج٢٣ ص٣٢٩) ، واعلم أنه لا يجزئ في الأضحية غير بهيمة الأنعام لقوله تعالى:{ليذكروا اسم الله على ما رزقهم من بهيمة الأنعام}[الحج: ٣٤] ، وهي الإبل والبقر والغنم الأهلية، وأما الجاموس فمذهب الحنفية وغيرهم جواز التضحية به، قالوا: لأن الجاموس نوع من البقر، ويؤيد ذلك أن الجاموس في الزكاة كالبقرة، فيكون في الأضحية أيضاً مثلها، ويذكرون في ذلك حديثاً صريحاً أورده المناوي في كنوز الحقائق بلفظ: الجاموس في الأضحية عن سبعة، وعزاه الديلمي في مسند الفردوس، والأمر عندي ليس واضحاً كما زعموا، فإنهم قد اعترفوا بأن الجاموس في ما يتعارف الناس نوع آخر غير البقر لما بينهما من الاختلاف العظيم في الظاهر والمخبر، ولذلك صرحوا بأن من حلف أن لا يأكل لحم البقر فأكل لحم الجاموس لا يكون حانثاً، وإن حلف بالطلاق لم تطلق زوجته بأكل لحم الجاموس. وأما ما ينسب إلى بعض أهل اللغة أنه قال: إن الجاموس نوع أو ضرب من البقر، فالظاهر أنه وقع منه التساهل في ذلك، والأصل فيه أن يقال: الجاموس كالبقرة أو بمنزلة البقرة كما روى ابن أبي شيبة عن الحسن أنه قال: الجاموس بمنزلة البقر، وعلى هذا فليس الجاموس من البقر، ولعله لما رأى الفقهاء مالكاً والحسن وعمر بن عبد العزيز وأبايوسف وابن مهدي ونحوهم أنهم جعلوا الجاموس في الزكاة كالبقر فهم من ذلك أن الجاموس ضرب من البقر، فعبر عن ذلك بأنه نوع منه، ولا يلزم من كون الجاموس في الزكاة كالبقر أن يكون في الأضحية مثلها، كما لا يخفى. وأما الحديث المذكور فليس مما يعرج عليه لما لا يعرف حاله،