أنه - صلى الله عليه وسلم - قسم فعدل عشراً من الغنم ببعير، وفيه أن هذا قياس فاسد؛ لأن هذا التعديل كان في القسمة وهي غير محل النزاع، ويؤيد كون الجزور عن سبعة فقط ما روي عن ابن عباس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أتاه رجل فقال: إن علي بدنة وأنا موسر ولا أجدها فأشتريها، فأمره - صلى الله عليه وسلم - أن يبتاع سبع شياه فيذبحهن، أخرجه أحمد وابن ماجه، فإنه لو كانت البدنة تعدل عشراً لأمره بإخراج عشر شياه؛ لأن تأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز، وأما الأضحية فقال الجمهور بجواز الاشتراك فيها كالهدي، سواء كان المشتركون من البيت الواحد أو من أبيات شتى أقارب كانوا أو أباعد، واشترط أبوحنيفة أن يكون المشتركون كلهم متقربين، وقال مالك: لا يجوز الاشتراك فيها في الذات بأن يحصل الاشتراك في الثمن، نعم يجوز الاشتراك لأهل البيت الواحد في الأجر بأن ينحر الرجل عنه وعن أهل بيته وإن كانوا أكثر من السبع البدنة، ويذبح البقرة هو يملكها ويذبحها عنهم ويشركهم فيها، فإما أن يشتري البدنة أو البقرة ويشتركون فيها فيخرج كل إنسان منهم حصته من ثمنها، ويكون له حصته من لحمها، فإن ذلك يكره عنده، قال ابن حزم: قال مالك: يجزئ الرأس الواحد من الإبل أو البقر أو الغنم عن واحد وعن أهل البيت وإن كثر عددهم وكانوا أكثر من سبعة إذا أشركهم فيها تطوعاً، ولا تجزئ إذا اشتروها بينهم شركة ولا عن أجنبيين فصاعداً، واختلف القائلون بالاشتراك في البدنة، فقال الشافعي وأحمد وأبوحنيفة: إنها تجزئ عن سبعة كالهدي، وقال إسحاق وابن خزيمة وابن المسيب: إنها تجزئ عن عشرة. قال الشوكاني: وهذا هو الحق هنا، أي في الأضحية؛ لحديث ابن عباس يعني الذي يأتي في الفصل الثاني، والأول هو الحق في الهدي للأحاديث المتقدمة، يعني بها الروايات التي ذكرناها من حديث جابر. وأما البقرة فتجزئ عن سبعة فقط في الهدي والأضحية – انتهى. وأورد البغوي حديث جابر في باب الأضحية مع أنه في الهدي لا في الأضحية كما تدل عليه الروايات الأخر إما نظراً إلى إطلاق اللفظ أو ليثبت الاشتراك في الأضحية. وأن البدنة والبقرة كليهما عن سبعة بالقياس على الهدي، ولا حاجة إلى القياس مع وجود النص في الأضحية وهو حديث ابن عباس الآتي. (رواه مسلم وأبوداود) وأخرجه أيضاً أحمد ومالك والترمذي وابن ماجه والبيهقي (ج٩ ص٢٧٩، ٢٩٤) . (واللفظ له) أي لفظ الحديث لأبي داود ولمسلم معناه، وهذا هو الداعي للمصنف إلى ذكر أبي داود مع أن ما في الفصل الأول لا يسنده لغير الصحيحين، لكن البغوي لما أخذ لفظ أبي داود الثابت معناه في صحيح مسلم وجعله في الفصل الأول أوهم أن اللفظ لأحد الصحيحين، فبين المصنف أن الذي في مسلم هو المعنى، ولأبي داود اللفظ، قاله القاري. وقيل: فيه تعريض بالاعتراض على البغوي حيث أورده في الفصل الأول اعتباراً بمعناه، وكان الأولى أن يورده في الفصل الثاني، وأخرجه الدارقطني (ص٢٦٥) بلفظ: سنّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - البقرة والجزور عن سبعة، وأخرجه الطبراني في الثلاثة من حديث عبد الله بن