١٤٧٥- (٨) وعن ابن عباس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((ما من أيام العمل الصالح فيهن أحب إلى الله من هذه الأيام العشر،
ــ
بأعظم العقوبات وهو القتل، غير أنه أحجم عن الإقدام عليه إذ لم يؤذن له فيه، فجعل قربانه فداء لنفسه فصار كل جزء منه فداء كل جزء منها، وعمت ببركته أجزاء البدن، فلم تخل منها ذرة ولم تحرم عنها شعرة، وإذا كانت هذه الفضيلة ملحقة بالأجزاء المتصلة بالمتقرب دون المنفصلة عنه رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - أن لا يمس شيئاً من شعره وبشره لئلا يفقد من ذلك قسط ما عند تنزل الرحمة وفيضان النور الإلهي ليتم له الفضائل ويتنزه عن النقائص – انتهى. (رواه مسلم) وأخرجه أيضاً أحمد والترمذي وأبوداود والنسائي وابن ماجه والدارقطني والطحاوي والبيهقي (ج٩ ص٢٦٦) وغيرهم، واستدركه الحاكم فوهم.
١٤٧٥- قوله (ما من أيام العمل الصالح) بالرفع مبتدأ يشمل أنواع العبادات كالصلاة والتكبير والذكر والصوم وغيرها (فيهن) متعلق بالعمل (أحب) بالرفع (إلى الله من هذه الأيام العشر) أي الأول من ذي الحجة، ففي رواية أبي داود الطيالسي في مسنده:((ما العمل في أيام أفضل منه في عشر ذي الحجة)) ، وكذا في رواية الدارمي. ووقع في رواية أخرى له ((ما من عمل أزكى عند الله ولا أعظم أجراً من خير يعمله في عشر الأضحى)) ، وفي حديث جابر في صحيحي أبي عوانة وابن حبان:((ما من أيام أفضل عند الله من أيام عشر ذي الحجة)) ، قال السندي: كلمة "من" في قوله ((ما من أيام)) زائدة لاستغراق النفي، وجملة ((العمل الصالح ... )) الخ صفة أيام، والخبر محذوف أي موجودة أو خير، وهو الأوجه، وقوله:((من هذه الأيام)) متعلقة بأحب، والمعنى على حذف المضاف أي من عمل هذه الأيام ليكون المفضل والمفضل عليه من جنس واحد – انتهى. وقال الطيبي: العمل مبتدأ وفيهن متعلق به والخبر أحب، والجملة خبر ما أي واسمها أيام ومن الأولى زائدة والثانية متعلقة بأفعل وفيه حذف، كأنه قيل: ليس العمل في أيام سوى العشر أحب إلى الله من العمل في هذه العشر – انتهى. وإذا كان العمل في أيام العشر أفضل من العمل في أيام غيره من السنة لزم منه أن تكون أيام العشر أفضل من غيرها من أيام السنة حتى يوم الجمعة منه أفضل منه في غيره لجمعه الفضيلتين. قال السندي: المتبادر من هذا الكلام عرفاً أن كل عمل صالح إذا وقع فيها فهو أحب إلى الله تعالى من نفسه إذا وقع في غيرها، وهذا من باب تفضيل الشيء على نفسه باعتبارين وهو شائع، وأصل اللغة في مثل هذا الكلام لا يفيد الأحبية، بل يكفي فيه المساواة؛ لأن نفي الأحبية يصدق بالمساواة، وهذا واضح وعلى الوجهين لا يظهر لاستبعادهم المذكور بلفظ:((ولا الجهاد)) معنى إذ لا يستبعد أن يكون الجهاد في هذه