ثبت أنه - صلى الله عليه وسلم - كان يضحي بكبشين؛ أحدهما عن نفسه وأهل بيته والآخر عن أمته ممن شهد له بالتوحيد وشهد له البلاغ، ومعلوم أن كثيراً من أمته قد كانوا ماتوا في عهده - صلى الله عليه وسلم -، فدخل في أضحيته - صلى الله عليه وسلم - الأحياء والأموات كلهم، ولكبش الواحد الذي يضحي به عن أمته كما كان للأحياء من أمته كذلك كان للأموات من أمته بلا تفرقة، ولم يثبت أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يتصدق بذلك الكبش كله، ولا يأكل منه شيئاً، أو كان يتصدق بجزء معين بقدر حصة الأموات، بل قال أبورافع: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يطعمهما جميعاً المساكين، ويأكل هو وأهله منهما، رواه أحمد، وكان دأبه - صلى الله عليه وسلم - أنه يأكل من الأضحية هو وأهله، ويطعم منها المساكين، وأمر بذلك أمته، ولم يحفظ عنه خلافه، فإذا ضحى الرجل عن نفسه وعن بعض أمواته، أو عن نفسه وعن أهله وعن بعض أمواته فيجوز أن يأكل هو وأهله من تلك الأضحية، وليس عليه أن يتصدق بها كلها، نعم إن تخص الأضحية للأموات من دون شركة الأحياء فيها فهي حق للمساكين كما قال عبد الله بن المبارك – انتهى ما في غنية الألمعي محصلاً. قال شيخنا في شرح الترمذي: لم أجد في التضحية عن الميت منفرداً حديثاً مرفوعاً صحيحاً. وأما حديث علي هذا فضعيف، فإذا ضحى الرجل عن الميت منفرداً فالاحتياط أن يتصدق بها كلها – انتهى. (رواه أبوداود، وروى الترمذي نحوه) وأخرجه أيضاً أحمد (ج١ ص١٠٧، ١٤٩) ، والحاكم (ج٤ ص٢٢٩-٢٣٠) ، والبيهقي (ج٩ ص٢٨٨) كلهم من طريق شريك بن عبد الله النخعي عن أبي الحسناء عن الحكم عن حنش، وقد سكت عليه أبوداود، وقال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد، ووافقه الذهبي، وقال الترمذي: هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من حديث شريك، وقال المنذري بعد نقل كلام الترمذي: وحنش قد تكلم فيه غير واحد، ثم نقل كلام ابن حبان، ثم قال: وشريك بن عبد الله فيه مقال، وقد أخرج له مسلم في المتابعات – انتهى. قال شيخنا: وأبوالحسناء شيخ شريك به عبد الله مجهول كما قال الحافظ في التقريب، فالحديث ضعيف – انتهى. وقال الشيخ أحمد شاكر في تعليقه على المسند (ج٢ ص١٥٢) : إسناده صحيح، وقال بعد نقل كلام الترمذي: وفي طبعة بولاق (ج١ ص٢٨٢-٢٨٣) زيادة نصها "قال محمد: قال علي بن المديني: وقد رواه غير شريك. قلت له: أبوالحسناء ما اسمه فلم يعرفه. قال مسلم: اسمه الحسن"، وهذه الزيادة ثابتة في مخطوطتنا الصحيحة من الترمذي، وأبوالحسناء هذا مترجم له في التهذيب، فلم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً، وقال: اسمه الحسن، ويقال: الحسين، وترجمه الذهبي في الميزان فقال: لا يعرف، ولكن الحديث رواه الحاكم، وقال: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه، وأبوالحسناء هذا هو الحسن بن الحكم النخعي، ووافقه الذهبي، والراجح عندي ما قاله الحاكم، والحسن بن الحكم النخعي الكوفي يكنى أباالحسن. ورجح الحافظ في التهذيب (ج٢ ص٢٧١) أنه يكنى أباالحكم، فقد اختلف في كنيته، فالظاهر أن بعضهم كناه أيضاً أباالحسناء، وهو من شيوخ شريك