وإن الدم ليقع من الله بمكان قبل أن يقع بالأرض، فطيبوا بها نفساً)) ، رواه الترمذي وابن ماجه.
ــ
مركبه على الصراط، ذكره القاري. وقال ابن العربي: يريد أنها تأتي بذلك فتوضع في ميزانه كما صرح به في حديث علي – رضي الله عنه – انتهى. ولعله أراد بذلك ما رواه أبوالقاسم الأصبهاني عن علي بلفظ: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال:((يا فاطمة! قومي فاشهدي أضحيتك، فإن لك بأول قطرة تقطر من دمها مغفرة لكل ذنب، أما إنه يجاء بدمها ولحمها فيوضع في ميزانك سبعين ضعفاً ... )) الحديث. قال المنذري في الترغيب: قد حسن بعض مشايخنا حديث علي هذا، والله أعلم. (وإن الدم ليقع من الله) أي من رضاه (بمكان) أي بموضع قبول (قبل أن يقع بالأرض) في رواية الترمذي ((من الأرض)) ، وفي ابن ماجه والحاكم ((على الأرض)) ، وفي البيهقي ((في الأرض)) ، يعني يقبله تعالى عند قصد الذبح قبل أن يقع دمه على الأرض، وقال العراقي في شرح الترمذي: أراد أن الدم وإن شاهده الحاضرون يقع على الأرض فيذهب ولا ينتفع به، فإنه محفوظ عند الله لا يضيع، كما في حديث عائشة:((إن الدم وإن وقع في التراب فإنما يقع في حرز الله برمته، يوافيه صاحبه يوم القيامة)) رواه أبوالشيخ ابن حبان في كتاب الصحابة – انتهى. قلت: ويؤيد ذلك أيضاً ما روى الطبراني في الأوسط عن علي مرفوعاً ((إن الدم وإن وقع في الأرض فإنه يقع في حرز الله عزوجل)) ، ذكره المنذري في الترغيب، وصدره بلفظه "روى" وأهمل الكلام عليه في آخره. وقال الهيثمي (ج٣ ص١٧) : فيه عمرو بن الحصين العقيلي، وهو متروك الحديث. (فطيبوا بها) أي بالأضحية (نفساً) منصوب على التمييز وجعله من طيب، ونصب نفساً على المفعول بعيد، قال ابن الملك: الفاء جواب شرط مقدر أي إذا علمتم أنه تعالى يقبله يجزيكم بها ثواباً كثيراً، فلتكن أنفسكم بالتضحية طيبة غير كارهة لها – انتهى. قال العراقي: الظاهر أن هذه الجملة مدرجة من قول عائشة، وليست مرفوعة لما في رواية أبي الشيخ عن عائشة أنها قالت: يا أيها الناس! ضحوا وطيبوا بها نفساً، فإني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول:((ما من عبد يوجه أضحيته ... )) الحديث – انتهى. والحديث دليل على أن التضحية أحب الأعمال إلى الله يوم النحر. (رواه الترمذي وابن ماجه) وأخرجه أيضاً الحاكم (ج٤ ص٢٢١-٢٢٢) والبيهقي (ج٩ ص٢٦١) كلهم من طريق أبي المثنى، واسمه سليمان بن يزيد عن هشام بن عروة عن أبيه عنها، قال الترمذي: حديث حسن غريب، وقال الحاكم: صحيح الإسناد، قلت: قال الذهبي: سليمان واهٍ وبعضهم تركه، وقال المنذري بعد نقل تحسين الترمذي وتصحيح الحاكم: سليمان واهٍ وقد وثق، وقال البيهقي: قال البخاري فيما حكى أبوعيسى عنه: هو حديث مرسل لم يسمع أبوالمثنى من هشام بن عروة. قال الشيخ: أحمد رواه ابن خزيمة عن يونس بن عبد الأعلى عن ابن وهب عن أبي المثنى عن إسماعيل بن إبراهيم بن عقبة عن هشام عن أبيه عن عائشة أو عن عمه موسى بن عقبة هكذا بالشك أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال ... الخ – انتهى. فلعل الترمذي حسنه لشواهده، وقد ذكرها المنذري في الترغيب والهيثمي في مجمع الزوائد، لكن لا يخلوا واحد منها عن كلام ويشد بعضها بعضاً، ويبلغ