على صفته كصوفها وشعرها، قال: ولنا أن استحقاق ولدها حكم يثبت للولد بطريق السراية من الأم، فيثبت له ما يثبت لها كولد أم الولد والمدبرة إذا ثبت هذا فإنه يذبحه كما يذبحها؛ لأنه صار أضحية على وجه التبع لأمه ولا يجوز ذبحه قبل يوم النحر ولا تأخيره عن أيامه كأمه. وقد روي عن علي – رضي الله عنه – أن رجلاً سأله فقال: يا أمير المؤمنين إني اشتريت هذه البقرة لأضحي بها، وإنها وضعت هذا العجل، فقال علي: لا تحلبها إلا فضل عن تيسير ولدها، فإذا كان يوم الأضحى فاذبحها وولدها عن سبعة. رواه سعيد بن منصور عن أبي الأحوص العبسي عن المغيرة بن حذف عن علي. الثالثة: حكم لبنها وصوفها وشعرها، قال ابن قدامة: لا يشرب من لبنها إلا الفاضل عن ولدها، فإن لم يفضل عنه شيء أو كان الحلب يضر بها أو ينقص لحمها لم يكن له أخذه، وإن لم يكن كذلك فله أخذه والانتفاع به، وبهذا قال الشافعي. وقال أبوحنيفة: لا يحلبها ويرش على الضرع الماء حتى ينقطع اللبن، فإن احتلبها تصدق به؛ لأن اللبن متولد من الأضحية الواجبة فلم يجز للمضحي الانتفاع به كالولد. قال ابن قدامة: ولنا قول علي المذكور، ولأنه انتفاع لا يضرها فأشبه الركوب ويفارق الولد فإنه يمكن إيصاله إلى محله، أما اللبن فإن حلبه وتركه فسد وإن لم يحلبه تعقد الضرع وأضر بها فيجوز له شربه وإن تصدق به كان أفضل، وإن احتلب ما يضر بها أو بولدها لم يجز، وعليه أن يتصدق به، فإن قيل: فصوفها وشعرها ووبرها إذا جزه تصدق به ولم ينتفع به، فلم أجزتم له الانتفاع باللبن؟ قلنا: الفرق بينهما بوجهين: أحدهما أن لبنها يتولد من غذائها وعلفها، وهو القائم به، فجاز صرفه إليه، كما أن المرتهن إذا علف الرهن كان له أن يحلب ويركب وليس له أن يأخذ الصوف ولا الشعر. الثاني: أن الشعر والصوف ينتفع به على الدوام فجرى مجرى جلدها وأجزائها، واللبن يشرب ويؤكل شيئاً فشيئاً فجرى مجرى منافعها وركوبها، ولأن اللبن يتجدد كل يوم، والصوف والشعر عين موجودة دائمة في جميع الحول. الرابعة: حكم إبدال الأضحية وبيعها، فقال أحمد: يجوز أن تبدل بخير منها، وبه قال عطاء ومجاهد وعكرمة ومالك وأبوحنيفة ومحمد بن الحسن. وقال أبويوسف والشافعي وأبوثور: لا يجوز بيعها ولا إبدالها؛ لأنه قد جعلها لله تعالى فلم يملك التصرف فيها بالبيع، والإبدال كالوقف، وقال القاضي: يجوز أن يبيعها ويشتري خيراً منها، وهو قول عطاء ومجاهد وأبي حنيفة، واستدلوا بإشراكه - صلى الله عليه وسلم - علياً – رضي الله عنه – في هديه، قالوا: هذا نوع من الهبة أو بيع، وهذا الاستدلال خارج عن محل النزاع كما بينه في النيل (ج٤ ص٣٣٠) ، ويؤيد من قال بجواز بيع الأضحية ما روي عن ابن عباس في الرجل يشتري البدنة أو الأضحية فيبيعها ويشتري أسمن منها فذكر رخصة، رواه الطبراني في الأوسط. قال الهيثمي: رجاله ثقات، ويؤيدهم أيضاً ما رواه الترمذي وأبوداود عن حكيم بن حزام أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعثه يشتري له أضحية بدينار فاشترى أضحية فأربح فيها ديناراً فاشترى أخرى مكانها فجاء بالأضحية والدينار إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -