على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فبعث منادياً: الصلاة جامعة، فتقدم فصلى أربع ركعات في ركعتين وأربع سجدات. قالت عائشة: ما ركعت ركوعاً قط ولا سجدت سجوداً قط كان أطول منه.
ــ
قال: إنه يتعين الخسوف للقمر، وعلى من قال: إن استعمال الخسوف للشمس خلاف الأفصح. (على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) أي في زمانه يوم مات ابنه إبراهيم كما سيأتي. (فبعث منادياً) يقول (الصلاة جامعة) يعني ينادي بهذه الجملة، قال الطيبي: الصلاة مبتدأ وجامعة خبره، أي الصلاة تجمع الناس، ويجوز أن يكون التقدير الصلاة ذات جماعة، أي تصلى جماعة لا منفرداً كالسنن الرواتب، فالإسناد مجازي كطريق سائر – انتهى. ويجوز نصب الصلاة على الإغراء، وجامعة على الحال، أي احضروا الصلاة حال كونها جامعة للجماعات أو للناس، وهو من الأحوال المقدرة، وفيه تقادير أخرى، وهو يدل على أنه يسن أن ينادى لصلاة الكسوف: الصلاة جماعة، قال ابن دقيق العيد: هذا الحديث حجة لمن استحب ذلك، وقد اتفقوا على أنه لا يؤذن لها ولا يقام؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - صلاها بغير أذان ولا إقامة، وقاس بعضهم صلاة العيدين على الكسوف في مشروعية النداء بالصلاة جامعة، وهو محل نظر؛ لأنه لم يرد الأمر بهذا اللفظ عنه - صلى الله عليه وسلم - إلا في هذه الصلاة مع الحاجة إلى ذلك في عهده - صلى الله عليه وسلم -، فالاقتصار عليه هو المشروع (فتقدم) أي هو - صلى الله عليه وسلم - (فصلى) وفي رواية مسلم: فاجتمعوا وتقدم وكبر وصلى، وفي رواية للنسائي: فاجتمعوا واصطفوا فصلى. (أربع ركعات) أي ركوعات (وأربع سجدات) قال العيني والقسطلاني: بنصب أربع عطفاً على أربع ركعات. قال القاري: فائدة ذكره أن الزيادة منحصرة في الركوع دون السجود (قالت عائشة) اعلم أن هذا الحديث إلى قوله: وأربع سجدات، رواه الشيخان والنسائي أيضاً من طريق الوليد بن مسلم عن الأوزاعي عن الزهري عن عروة عن عائشة أن الشمس خسفت ... الخ، وأما قوله: قالت عائشة: ما ركعت ... الخ فليس في هذا الحديث ولا هو مروي من هذا الطريق، بل هو تتمة حديث عبد الله بن عمر، وأخرجه هؤلاء الثلاثة من رواية يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن عبد الله بن عمر، وبنحو حديث عائشة المذكور، وفي آخره فقالت عائشة: ما ركعت ... الخ، فالراوي لذلك عنها هو غير الراوي حديث عائشة المتقدم المرفوع وهو أبوسلمة، ويحتمل أن يكون عبد الله بن عمرو، فيكون من رواية صحابي عن صحابية، قال الحافظ: ووهم من زعم أنه معلق، فقد أخرجه مسلم وابن خزيمة وغيرهما من رواية أبي سلمة عن عبد الله بن عمرو، وفيه قول عائشة – انتهى. (ما ركعت ركوعاً قط ولا سجدت سجوداً قط كان أطول منه) أي كان ذلك الركوع والسجود أطول من ركوع الخسوف وسجوده، وهذا لفظ مسلم، واقتصر البخاري على ذكر السجود، ولفظه: قالت عائشة: ما سجدت سجوداً قط كان أطول منها، أي من سجدة الكسوف، أو هو على حذف مضاف أي من سجود صلاة الكسوف، وقد ثبت طول الركوع والسجود في الكسوف في أحاديث كثيرة، منها أحاديث ابن عباس وعائشة وأبي موسى المذكورة