واستدلت الحنفية بحديث النعمان وقبيصة على ما ذهبوا إليه من أن صلاة الكسوف ركعتان كسائر النوافل بلا تكرار الركوع، وسيأتي الجواب عنه. ومنها كأحدث صلاة، روي هذا من حديث النعمان بن بشير عند النسائي وابن حزم (ج٥ ص٩٧) والبيهقي (ج٣ ص٣٣٢) بلفظ: ((إذا رأيتم ذلك فصلوا كأحدث صلاة صليتموها من المكتوبة)) ، وروي أيضاً من حديث قبيصة الهلالي عند أحمد (ج٥ ص٦٠) وأبي داود والنسائي والبيهقي والحاكم والطحاوي والبغوي، وقوله ((كأحدث صلاة)) يعني كأقرب صلاة. قال ابن حزم محتجاً بهذا الحديث: يصلي لكسوف الشمس خاصة إن كسفت من طلوعها إلى أن يصلي الظهر ركعتين، وإن كسفت من بعد صلاة الظهر إلى أخذها في الغروب صلى أربع ركعات كصلاة الظهر ولاعصر، وفي كسوف القمر خاصة إن كسفت بعد صلاة المغرب إلى أن يصلي العشاء الآخرة صلى ثلاث ركعات كصلاة المغرب، وإن كسفت بعد صلاة العتمة إلى الصبح صلى أربعاً كصلاة العتمة – انتهى. وعليه حمله السندي حيث قال في حاشية النسائي: قوله ((كأحدث صلاة)) فيه أنه ينبغي أن يلاحظ وقت الكسوف فيصلي لأجله صلاة هي مثل ما صلاها من المكتوبة قبيلها، ويلزم منه أن يكون عدد الركعة على حسب تلك الصلاة، وأن يكون الركوع واحداً – انتهى. وحمله الحنفية على صلاة الصبح خاصة، قالوا: المراد أنه يصلي ركعتين كصلاة الصبح بركوعين وأربع سجدات. وقيل: التشبيه فيه محمول على بعض الصفات لا على جميعها، يعني أن التشبيه ههنا في عدد الركعات والقراءة فقط لا من كل الجهات، فيصلي ركعتين ويجهر بالقراءة كصلاة الصبح، لكن كل ركعة بركوعين، وهذا لئلا يعارض القول ما رواه الشيخان من فعله بتثنية الركوع في كل ركعة. وقيل: معناه إذا وقع الكسوف عقب صلاة جهرية يصلي ويجهر فيها بالقراءة، وإن وقع عقب صلاة سرية يصلي ويخافت فيها بالقراءة. ومنها: ركعتان في كل ركعة ركوع. روي هذا من حديث عبد الله بن عمر، وعند أحمد (ج٢ ص١٩٨) وأبي داود والنسائي والترمذي في الشمائل، والطحاوي والحاكم (ج١ ص٣٢٩) وأبي حنيفة في مسنده، كلهم من طريق عطاء بن السائب عن أبيه عن عبد الله بن عمر. وقال الحاكم: صحيح، ولم يخرجاه من أجل عطاء بن السائب، وقال تقي الدين في الإمام: كل من روى عن عطاء بن السائب روى عنه في الاختلاط إلا شعبة وسفيان – انتهى. قلت: أخرجه أبوداود عن حماد بن سلمة عن عطاء، والترمذي عن جرير عن عطاء، والحاكم عن الثوري عن عطاء، والطحاوي عن حماد بن سلمة والثوري وغيرهما عن عطاء، وأخرج النسائي في رواية عن شعبة عن عطاء به، لكن ليس متنه بصريح في الركعتين، وحكى العراقي في التقييد والإيضاح (ص٣٩٢) عن ابن معين أنه قال: حديث سفيان وشعبة وحماد بن سلمة عن عطاء بن السائب مستقيم – انتهى. وروي ذلك أيضاً من حديث سمرة بن جندب عند أحمد (ج٥ ص١٦) وأبي داود