للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ثم رفع، ثم سجد،

ــ

المصلي من القرآن ما شاء، وإن التطويل أولى، والله تعالى أعلم. قال الشوكاني: لا بد من القراءة بالفاتحة في كل ركعة لما تقدم من الأدلة الدالة على أنها لا تصح ركعة بدون الفاتحة. قال النووي: واتفق العلماء على أنه يقرأ الفاتحة في القيام الأول من كل ركعة، واختلفوا في القيام الثاني، فمذهبنا ومذهب مالك وجمهور أصحابه أنها لا تصح الصلاة إلا بقراءتها فيه، وقال محمد بن مسلمة من المالكية: لا تتعين الفاتحة في القيام الثاني – انتهى. قال الباجي: يستفتح القراءة في الركعة الأولى والثالثة بأم القرآن، وأما الثانية والرابعة فإنه يقرأ فيهما بالسورة، وهل يقرأ الفاتحة أم لا؟ قال مالك: نعم، وقال محمد بن مسملة: لا، وجه الأول أنها ركعة بقراءة، فوجب الفاتحة كالأولى، ووجه الثاني: أن الركعتين في حكم الركعة الواحدة، بدليل أن المأموم يجزيه إدراك أحدهما، فالقراءتان في حكم القراءة الواحدة، فوجب أن لا يتكرر الفاتحة – انتهى. وقال ابن دقيق العيد في شرح العمدة (ج٢ ص١٣٩) : كأنه رآها ركعة واحدة زيد فيها ركوع، والركعة الواحدة لا تثنى الفاتحة فيها، وهذا يمكن أن يؤخذ من الحديث، كما سننبه عليه في موضعه – انتهى. وقال في شرح حديث عائشة بلفظ: فاستكمل أربع ركعات وأربع سجدات (ج٢ ص١٤٢) . أطلق الركعات على عدد الركوع، وجاء في موضع آخر في ركعتين، وهذا هو الذي أشرنا إلى أنه متمسك من قال من أصحاب مالك إنه لا يقرأ الفاتحة في الركوع الثاني من حيث أنه أطلق على الصلاة ركعتين، والله أعلم. (ثم رفع) أي رأسه من الركوع الثاني (ثم سجد) أي سجدتين، لم يذكر فيه تطويل الاعتدال الذي يتعقبه السجود، ووقع في حديث جابر عند مسلم تطويل هذا الاعتدال، ولفظه: ثم رفع فأطال ثم سجد. قال النووي: هي رواية شاذة مخالفة لرواية الأكثرين، فلا يعمل بها، أو المراد زيادة الطمأنينة في الاعتدال لا إطالته نحو الركوع. وتعقب بما رواه النسائي وابن خزيمة وغيرهما من حديث عبد الله بن عمرو أيضاً ففيه: ثم ركع فأطال حتى قيل: لا يرفع، ثم رفع فأطال حتى قيل: لا يسجد، ثم سجد فأطال حتى قيل: لا يرفع، ثم رفع فجلس فأطال الجلوس حتى قيل: لا يسجد، ثم سجد. لفظ ابن خزيمة من طريق الثوري عن عطاء بن السائب عن أبيه عنه. قال الحافظ: والثوري سمع من عطاء قبل الاختلاط، فالحديث صحيح – انتهى. قلت: قد صرح الشافعية والحنابلة في فروعهم بعدم تطويل الاعتدال الذي يلي السجود، وهو مقتضى مذهب الحنفية والمالكية، وكأنهم اتفقوا على عدم مشروعية هذا الاعتدال، وهذا ليس بشيء بعد ما ثبت بالسنة الصحيحة الصريحة، وعدم ذكره في باقي الروايات أي السكوت عنه لا يدل على شذوذه، ولم يذكر في حديث ابن عباس تطويل السجود، ولكنه مذكور في حديث عائشة وغيرها، وقد تقدم الكلام في هذا، قال الحافظ: ولم أقف في شيء من الطرق على تطويل الجلوس بين السجدتين إلا في حديث عبد الله بن عمرو، وقد

<<  <  ج: ص:  >  >>