ورأيت أكثر أهلها النساء، قالوا: بم يا رسول الله؟ قال: بكفرهن، قيل: يكفرن بالله؟ قال: يكفرن العشير، ويكفرن الإحسان، لو أحسنت إلى إحداهن الدهر
ــ
ذلك التقدير، والمفضل عليه، وجارٌ ومجرور محذوفان، أي كمنظر اليوم حال كونه أفظع من غيره – انتهى. (ورأيت أكثر أهلها النساء) استشكل مع حديث أبي هريرة أن أدنى أهل الجنة منزلة من له زوجتان من الدنيا، ومقتضاه أن النساء ثلثا أهل الجنة، وأجيب بحمل حديث أبي هريرة على ما بعد خروجهن من النار، وما قيل: إنه خرج مخرج التغليظ والتخويف فهو لغو؛ لأنه إخبار عن الرؤية الحاصلة، وفي حديث جابر:((وأكثر من رأيت فيها النساء اللاتي إن اؤتمنّ أفشين، وإن سئلن بخلن، وإن سألن إلحفن، وإن أعطين لم يشكرن)) فدل على أن المرئى في النار منهم من اتصف بصفات ذميمة، قال الحافظ: حديث ابن عباس يفسر وقت الرؤية في قوله - صلى الله عليه وسلم - لهن في خطبة العيد:((تصدقن فإني رأيتكن أكثر أهل النار)) ، قال النووي: فيه دليل على أن بعض الناس اليوم معذب في جهنم. (قالوا) أي الصحابة (بم) كذا في البخاي في صلاة الكسوف بالباء أصله بما بالألف وحذفت تخفيفاً، أي بسبب أي شيء من الأعمال، وللبخاري في النكاح ((لم)) باللام، وكذا في مسلم والنسائي (قيل: يكفرن) بحذف همزة الاستفهام، والقائل أسماء بنت يزيد بن السكن التي تعرف بخطيبة النساء كما يدل عليه رواية البيهقي والطبراني من طريق شهر بن حوشب عن أسماء بنت يزيد (قال يكفرن العشير) قال الحافظ: كذا للجمهور عن مالك بلا واو، وكذا عند مسلم من رواية حفص بن ميسرة عن زيد بن أسلم، ووقع في موطأ يحيى بن يحيى قال: ويكفرن العشير بزيادة واو، وقال ابن عبد البر: هكذا ليحيى وحده بالواو، ولم يزدها غيره، والمحفوظ عن مالك من رواية سائر الرواة بلا واو، قال الحافظ: ورواية يحيى وإن كانت شاذة، لكن معناها صحيح؛ لأن الجواب طابق السوال وزاد، وذلك أنه أطلق لفظ النساء فعم المؤمنة والكافرة، فلما قيل: أيكفرن بالله؟ فأجاب ويكفرن العشير ... الخ، وكأنه قال: نعم، يقع منهن الكفر بالله وغيره؛ لأن منهن من يكفر بالله، ومنهن من يكفر الإحسان، وقال ابن عبد البر: وجه رواية يحيى أن يكون الجواب لم يقع على وفق سؤال السائل لإحاطة العلم بأن من النساء من يكفر بالله فلم يحتج إلى جوابه؛ لأن المقصود في الحديث خلافه – انتهى. والعشير الزوج وحمله بعضهم على العموم، وقال: أراد به كل من يعاشرها من زوج أو غيره، والألف واللام على الأول للعهد، وعلى الثاني للجنس، قيل: لم يعد كفر العشير بالباء كما عدى الكفر بالله؛ لأن كفر العشير لا يتضمن معنى الاعتراف بخلاف الكفر مبينة للجملة الأولى على طريق أعجبني زيد وكرمه، وكفر الإحسان تغطيته وعدم الاعتراف به أو جحده وإنكاره، كما يدل عليه قوله (لو أحسنت إلى إحداهن الدهر) بالنصب على الظرفية، زاد في رواية البخاري في صلاة