حتى حسر عنها، فلما حسر عنها قرأ سورتين وصلى ركعتين، رواه مسلم في صحيحه عن عبد الرحمن بن سمرة.
ــ
(حتى حسر عنها) على بناء المفعول أي أزيل الكسوف عن الشمس، ويحتمل أن لا يكون في "حسر" ضمير، ويكون مسنداً إلى الجار والمجرور، أي أزيل وكشف ما بها (فلما حسر عنها قرأ سورتين وصلى ركعتين) هذا صريح في أنه شرع في الصلاة بعد الانجلاء، وهو خلاف لسائر الروايات، فقال بعضهم: إن هذه الصلاة كانت تطوعاً مستقلاً بعد انجلاء الكسوف، لا أنها صلاة الكسوف، وهذا مخالف لظاهر قوله: فأتيته وهو قائم في الصلاة ... الخ، وقال في اللمعات: صلى ركعتين، أي أتم صلاته التي كان شرع فيها وحسر عنها في أثنائها، وقال الطيبي: يعني دخل في الصلاة ووقف في القيام الأول وطول التسبيح والتهليل والتكبير والتحميد حتى ذهب الخسوف، ثم قرأ القرآن وركع ثم سجد، ثم قام في الركعة الثانية وقرأ فيها القرآن وركع وسجد وتشهد وسلم – انتهى. وقال النووي بعد ذكر رواية مسلم بلفظ: فانتهيت إليه وهو رافع يديه يدعو ويكبر ويحمد ويهلل حتى جلي عن الشمس، فقرأ سورتين وركع ركعتين ما لفظه: هذا مما يستشكل ويظن أن ظاهره أنه ابتدأ صلاة الكسوف بعد انجلاء الشمس، وليس كذلك، فإنه لا يجوز ابتداء صلاتها بعد انجلائها، وقوله: فانتهيت إليه وهو رافع يديه، محمول على أنه وجده في الصلاة، كما في الرواية الأخرى: فأتيته وهو قائم في الصلاة، ثم جمع الراوي جميع ما جرى في الصلاة من دعاء وتكبير وتهليل وتحميد وتسبيح وقراءة سورتين في القيامين الأخيرين للركعة الثانية، وكانت السورتان بعد الانجلاء تتميماً للصلاة فتمت جملة الصلاة ركعتين، أولها في حال الكسوف، وآخرها بعد الانجلاء، وهذا الذي ذكرته من تقديره لابد منه جمعاً بين الروايتين؛ لأنه مطابق للرواية الثانية ولقواعد الفقه ولروايات باقي الصحابة – انتهى. لكن هذا الجواب لا يوافق رواية النسائي لحديث عبد الرحمن بن سمرة بلفظ: فأتيته مما يلي ظهره وهو في المسجد، فجعل يسبح ويكبر ويدعو حتى حسر عنها، قال: ثم قام فصلى ركعتين وأربع سجدات – انتهى. وعلى هذا فالترجيح لسائر الروايات التي تدل على أن انجلاء كان في جلوس التشهد بعد الركعة الثانية وقبل السلام، وظاهر هذا الحديث أنه صلى ركعتين كل ركعة بركوع، وهو أيضاً مستبعد بالنظر إلى سائر الروايات، وتأوله المازري على أنها كانت صلاة تطوع بعد الانجلاء لا صلاة كسوف فإنه إنما صلى بعد الانجلاء وابتداءها بعد الانجلاء لا يجوز، وضعفه النووي بمخالفة لقوله: فأتيته وهو قائم في الصلاة ... الخ، فتأوله هو على أن قوله: صلى ركعتين يعني في كل ركعة قيامان وركوعان – انتهى. وقال القرطبي: يحتمل أنه إنما أخبر عن حكم ركعة واحدة وسكت عن الركعة الأخرى – انتهى. وهذا يرده لفظ النسائي: فصلى ركعتين أو أربع سجدات، فالصواب أن يقال: إن الترجيح لروايات الركوعين في كل ركعة لكونها صريحة، ولكونها أصح وأشهر وأكثر، والله تعالى أعلم. (رواه مسلم في صحيحه عن عبد الرحمن بن سمرة) وأخرجه أيضا أحمد