وركع خمس ركعات، وسجد سجدتين، ثم قام الثانية فقرأ بسورة من الطول، ثم ركع خمس ركعات، وسجد سجدتين، ثم جلس كما هو مستقبل القبلة يدعو حتى انجلى كسوفها. رواه أبوداود.
ــ
الواو. قال الطيبي: جمع الطولي كالكبرى والكبر (وركع خمس ركعات) أي ركوعات (ثم قام الثانية) بالنصب على نزع الخافض، كذا وقع في جميع النسخ الحاضرة، وهكذا في جامع الأصول (ج٧ ص١٢٥) قال القاري: وفي نسخة أي من المشكاة: إلى الثانية – انتهى. وعند البيهقي: ثم قام في الثانية (ثم جلس كما هو) أي كائناً على الهيئة التي هو عليها (مستقبل القبلة) بالنصب أي جلس بعد الصلاة كجلوسه فيها يعني مستقبل القبلة (حتى انجلى كسوفها) أي انكشف وارتفع، والحديث دليل على أن صلاة الكسوف ركعتان في كل ركعة خمس ركوعات، لكنه معلول كما ستعرف، فلا يعارض أحاديث الركوعين (رواه أبوداود) وأخرجه أيضاً عبد الله بن أحمد في زيادات المسند (ج٥ ص١٤٣) ، والحاكم (ج١ ص٣٣٣) والبيهقي (ج٣ ص٣٢٩) ، وقد سكت عنه أبوداود، وقال المنذري: في إسناده أبوجعفر واسمه عيسى بن عبد الله بن ماهان الرازي، وفيه مقال، واختلف فيه قول ابن معين وابن المديني – انتهى. وقال الزيلعي: أبوجعفر الرازي فيه مقال، قال النووي في الخلاصة: لم يضعفه أبوداود، وهو حديث في إسناده ضعف – انتهى. وقال البيهقي: هذا إسناد لم يحتج بمثله صاحبا الصحيح، وهذا توهين منه للحديث بأن سنده مما لا يصلح للاحتجاج به، وقال الحاكم: الشيخان قد هجرا أباجعفر الرازي ولم يخرجا عنه، وحاله عند سائر الأئمة أحسن الحال، وهذا الحديث فيه ألفاظ ورواته صادقون – انتهى. وتعقبه الذهبي فقال: خبر منكر، وعبد الله بن أبي جعفر – الراوي عن أبي جعفر عند أبي داود والحاكم – ليس بشيء، وأبوه فيه لين – انتهى. وقال النيموي: في إسناده لين، وقال الشوكاني: وروي عن ابن السكن تصحيح هذا الحديث – انتهى. قلت: في تصحيحه نظر قوي، فإن أباجعفر الرازي قد تفرد بهذا الحديث عن الربيع بن أنس عن أبي العالية عن أبي بن كعب، وأبوجعفر مختلف فيه وثقه ابن معين في رواية إسحاق بن منصور والدوري، ووثقه أيضاً ابن المديني في رواية وابن عمار الموصلي وأبوحاتم وابن سعد والحاكم وابن عبد البر، وقال أحمد - في رواية – والنسائي والعجلي: ليس بالقوي، وقال عمرو بن علي الفلاس وابن خراش: هو من أهل الصدق سيء الحفظ، وقال أبوزرعة: شيخ يهم كثيراً، وقال ابن حبان: كان ينفرد عن المشاهير بالمناكير لا يعجبني الاحتجاج بحديثه إلا فيما وافق الثقات، وقال الحافظ في التقريب: صدوق سيء الحفظ – انتهى. والربيع بن أنس ذكره ابن حبان في الثقات، وقال: الناس يتقون من حديثه ما كان من رواية أبي جعفر عنه؛ لأن في أحاديثه عنه اضطراباً كثيراً – انتهى. وقد ظهر بهذا كله أن من وثق أباجعفر الرازي فإنما وثقه لكونه من أهل الصدق والستر والصلاح، ومن تكلم فيه إنما تكلم لسوء حفظه، ومن المعلوم أن الراوي إذا كان سيء الحفظ لا يحتج بحديثه إذا تفرد به، والله أعلم.