رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - يستسقي عند أحجار الزيت، قريباً من الزوراء قائماً يدعو يستسقي، رافعاً يديه قِبَل وجهه لا يجاوزه بهما رأسه، رواه أبوداود، وروى الترمذي، والنسائي نحوه.
ــ
(رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - يستسقي عند أحجار الزيت) قال ياقوت الحموي: موضع بالمدينة، قريب من الزوراء، وهو موضع صلاة الاستسقاء، وقال العمراني: أحجار الزيت موضع بالمدينة داخلها، وقال القاري: موضع بالمدينة من الحرة، سمي بذلك لسواد أحجاره كأنها طليت بالزيت – انتهى. (قريباً) أي حال كونه قريباً أو في مكان قريب (من الزوراء) بفتح الزاء المعجمة وسكون الواو موضع عند سوق المدينة مرتفع كالمنارة قرب المسجد (قائماً) أي يستسقي قائماً (يدعو يستسقي) حالان أي داعياً مستسقياً (رافعاً يديه) وفي رواية لأحمد: رافعاً كفيه (قبل وجهه) بكسر القاف وفتح الموحدة أي قبالته (لا يجاوز بهما) أي بيديه حين رفعهما (رأسه) قال القاري: لا ينافي ما مر عن أنس أنه كان يبالغ في الرفع للاستسقاء لاحتمال أن ذلك كان أكثر أحواله، وهذا في نادر منها أو بالعكس – انتهى. وزاد أحمد في روايته: مقبل بباطن كفيه إلى وجهه، وهذا لا يخالف ما مر من حديثه أيضاً أنه كان يشير بظهر كفيه إلى السماء في الاستسقاء، أي يجعل بطون يديه مما يلي الأرض؛ لأنه يحتمل أنه كان يفعل تارة كذا وتارة كذا، والله تعالى أعلم. والحديث استدل به لأبي حنيفة على عدم استنان الصلاة في الاستسقاء؛ لأنه ليس فيه ذكر الصلاة، وقد تقدم الجواب عنه. (رواه أبوداود) وأخرجه أيضاًُ أحمد (ج٥ ص٢٢٣) وسكت عنه أبوداود. (وروى الترمذي والنسائي نحوه) أي معناه كلاهما عن قتيبة عن الليث عن خالد بن يزيد عن سعيد بن أبي هلال عن يزيد بن عبد الله عن عمير مولى آبي اللحم عن آبي اللحم أنه رأى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عند أحجار الزيت يستسقي، وهو مقنع بكفيه يدعو، قال الترمذي: كذا قال قتيبة في هذا الحديث "عن آبي اللحم" ولا نعرف له عن النبي - صلى الله عليه وسلم - إلا هذا الحديث الواحد، وعمير مولى آبي اللحم قد روى عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أحاديث، وله صحبة – انتهى. قال الشيخ أحمد شاكر في تعليقه على الترمذي: هكذا روى الترمذي والنسائي عن قتيبة أنه زاد في الإسناد "عن آبي اللحم"، ولكن رواه أحمد عن قتيبة نفسه من حديث عمير مولى آبي اللحم ولم يذكر عن آبي اللحم، وذكر الحديث في مسند عمير، فلعل قتيبة لم يحفظ هذا الحديث جيداً، فكان يرويه مرة هكذا ومرة هكذا، وقد أخطأ في إسناده خطأ آخر إذ جعل الرواية عن يزيد بن عبد الله بن الهاد عن عمير مباشرة، والصواب أن يزيد رواه عن محمد بن إبراهيم التيمي عن عمير كما في رواية أحمد وأبي داود من طريق حيوة وعمر بن مالك عن ابن الهاد – انتهى. قلت: ورواه الحاكم (ج١ ص٣٢٧) من طريق يحيى بن بكير عن الليث، فجعله من حديث عمير مولى آبي اللحم، ولم يذكر "عن آبي اللحم" وقال: صحيح الإسناد، وعمير مولى آبي اللحم له صحبة – انتهى. وهذا يؤيد أن الحديث