الذي يسمع من السحاب، كذا قاله ابن الملك. والصحيح أن الرعد ملك مؤكل بالسحاب، فقد روى عن ابن عباس أن اليهود سألوا النبي صلى الله عليه وسلم عن الرعد، فقال: ملك من الملائكة مؤكل بالسحاب معه مخاريق من نار يسوق بها السحاب حيث شاء الله، وسألوا عن الصوت الذي يسمع من السحاب، فقال زجرة بالسحاب إذا زجره حتى ينتهي إلى حيث أمر، أخرجه الترمذي وصححه. ونقل الشافعي عن الثقة عن مجاهد أن الرعد ملك والبرق أجنحته يسوق السحاب بها، ثم قال: وما أشبه ما قاله بظاهر القرآن. قال بعضهم: وعليه فيكون المسموع صوته أو صوت سوقه على اختلاف فيه. ونقل البغوي عن أكثر المفسرين أن الرعد ملك يسوق السحاب، والمسموع تسبيحه. وقيل: البرق لمعان سوط الرعد يزجر به السحاب. وأما قول الفلاسفة: إن الرعد صوت اصطكاك أجرام السحاب، البرق ما يقدح من اصطكاكها فهو من حرزهم وتخمينهم فلا يعول عليه، كذا في المرقاة. وقال الآلوسي: للناس في الرعد والبرق أقوال: والذي عول عليه أن الأول صوت زجر الملك المؤكل بالسحاب، والثاني لمعان مخاريقه التي هي من نار، والذي اشتهر عند الحكماء أن الشمس إذا أشرقت على الأرض اليابسة حللت منها أجزاء نارية يخالطها أجزاء أرضية فيركب منهما دخان ويختلط بالبخار، وهو الحادث بسبب الحرارة السماوية إذا أثرت في البلة، ويتصاعدان معاً إلى الطبقة الباردة، وينعقد ثمة سحاب ويحتقن الدخان فيه، ويطلب الصعود إن بقي على طبعه الحار، والنزول إن ثقل وبرد وكيف كان يمزق السحاب بعنفه، فيحدث منه الرعد وقد تشتعل منه لشدة حركته ومحاكته نار لامعة، وهي البرق إن لطفت، والصاعقة إن غلظت. وربما كان البرق سبباً للرعد، فإن الدخان المشتعل ينطفيء في السحاب، فيسمع لإنطفاءه صوت، كما إذا أطفأنا النار بين أيدينا، والرعد والبرق يكونان معاً إلا أن البرق يرى في الحال، لأن الأبصار لا يحتاج إلا إلى المحاذاة من غير حجاب، والرعد يسمع بعد، لأن السماع إنما يحصل بوصول تموج الهواء إلى القوة السامعة، وذلك يستدعى زماناً كذا قالوه، وربما يختلج في ذهنك قرب هذا، ولا تدري ماذا تصنع بما ورد عن حضرة من أسرى به ليلاً بلا رعد ولا برق على ظهر البراق، وعرج إلى ذي المعارج فرجع، وهو أعلم خلق الله على الإطلاق، فأنا بحول الله تعالى أوفق لك بما يزيل الغين عن العين وسر جوامع الكلم التي أوتيها النبي صلى الله عليه وسلم ثم ذكر الآلوسي توجيهاً لذلك يشبه طريق الصوفية من كان له ذوق بذلك فليرجع إلى روح المعاني (ج١ص١٧١)(والصواعق) جمع صاعقة. والظاهر أنها في الأصل صفة من الصعق وهي الصراخ. وتاؤها للتأنيث إن قدرت صفة لمؤنث، أو للمبالغة إن لم تقدر كرواية، أو للنقل من الوصفية إلى الاسمية كحقيقة. وقيل: إنها مصدر كالعافية والعاقبة، وهي اسم لكل هائل مسموع أو مشاهد. والمشهور أنها الرعد الشديد معه قطعة من نار لا تمر بشيء إلا أتت عليه، وقد يكون معه جرم حجري أو حديدي، كذا قال الآلوسي. وفي الجلالين: الصاعقة شدة صوت الرعد