١٥٤٠ - (٥) وعن ثوبان، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع)) رواه مسلم.
ــ
لم يشرب فيها كناية تلويحية عن كونه جهنمياً فإن الشرب من أواني الفضة من دأب أهل الجنة لقوله تعالى:{قوارير من فضة}[الدهر: ١٦] فمن لم يكن هذا دأبه لم يكن من أهل الجنة فيكون جهنمياً فهو كقوله: إنما يجرجر في بطنه نار جهنم- انتهى. وقيل: الأولى أن يقال إنه لم يشرب فيها في الجنة وإن دخلها فيحرم من الشرب فيها في الجنة لشربه فيها في الدنيا، وظاهر الحديث تأييد التحريم فإن دخل الجنة شرب في جميع أوانيها إلا في آنية الفضة والذهب ومع ذلك لا يتألم لعدم الشرب فيها ولا يحسد من يشرب فيها ويكون حاله كحال أصحاب المنازل في الخفض والرفعة (متفق عليه) أخرجه البخاري في الجنائز والمظالم والنكاح والأشربة والمرضى واللباس والأدب والاستيذان والنذور، ومسلم في اللباس، واللفظ للبخاري، وأخرجه أيضاً الترمذي في الاستيذان والأدب مطولاً، وفي اللباس مختصراً، والنسائي في الجنائز والإيمان والنذور والزينة وابن ماجه في الكفارات واللباس مختصراً. ثم قوله:"متفق عليه" يشعر بأن قوله وعن الشرب في الفضة إلخ اتفق الشيخان على إخراجه والأمر ليس كذلك فإنه قد تفرد مسلم به ولم يخرجه البخاري.
١٥٤٠- قوله:(إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم) أي زاره في مرضه (لم يزل في خرفة الجنة) بضم المعجمة وسكون الراء وفتح الفاء بعدها هاء هي الثمرة إذا نضجت، وقيل: ما يخترف ويجتنى من ثمار النخيل إذا أدركت أي لم يزل في التقاط فواكه الجنة واختراف مجتناها أو لم يزل في مواضع خرفتها أي في بساتينها شبه - صلى الله عليه وسلم - ما يحوزه ويحرزه عائد المريض من الثواب بما يحرزه المجتنى والمخترف من الثمر، وقيل: المراد بها هنا الطريق، والمعنى أن العائد يمشي في طريق تؤديه إلى الجنة. قال الحافظ في الفتح: والتفسير الأول أولى، فقد أخرجه البخاري في الأدب المفرد من هذا الوجه، وفيه قلت لأبي قلابة ما خرفة الجنة؟ قال جناها، وهو عند مسلم من جملة المرفوع- انتهى. وفي رواية لمسلم: عائد المريض في مخرفة الجنة حتى يرجع بفتح الميم والراء بينهما خاء معجمة ساكنة أي في بستانها. قال الشوكاني: بالخاء المعجمة على زنة مرحلة، وهي البستان، ويطلق على طريق اللاحب أي الواضح أي عائد المريض في بساتين الجنة وثمارها (حتى يرجع) أي الثواب حاصل للعائد من حين يذهب للعيادة حتى يرجع إلى محله ويعلم منه أن من كان طريقه أطول كان أكثر ثواباً وليس المراد المكث الكثير عند المريض لما علم أنه يطلب التخفيف في المكث عنده (رواه مسلم) في البر والصلة والأدب، وأخرجه أيضاً أحمد والترمذي في الجنائز، والبخاري في الأدب المفرد والبيهقي (ج٣ص٣٨٠) وابن أبي شيبة.