للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

...............................

ــ

ريقه فيكون ذلك مخصوصاً، وفيه نظر، قال النووي: معنى الحديث أنه يأخذ من ريق نفسه على إصبعه السبابة ثم يضعها على التراب فيعلق بها منه شيء فيمسح به على الموضع الجريح أو العليل ويقول هذا الكلام في حال المسح- انتهى. قلت: الظاهر أن هذا ليس مخصوصاً بأرض المدينة ولا بريق النبي صلى الله عليه وسلم فالمراد بالأرض ههنا جملة الأرض وبالبعض كل من يرقى بذلك، فيجوز هذا بل يستحب فعله عند الرقية في كل مكان، وأما حكم نقل تراب الحرم المكي أو المدني ونقل حصاهما وأحجارهما للتبرك أو للدواء وحكم الاستشفاء بتراب المدينة فقد بسط القول فيه السمهودي في وفاء الوفاء (ص٦٧-٦٨-٦٩-١١٤-١١٥-١١٦-١١٧) وفي بعض كلامه خدشات لا تخفى على متبع السنة. قال القرطبي: فيه دليل على جواز الرقى من كل الآلام وإن ذلك كان أمراً فاشياً معلوماً بينهم، قال: ووضع النبي صلى الله عليه وسلم سبابته بالأرض ووضعها عليه يدل على استحباب ذلك عند الرقية ثم قال وزعم بعض العلماء أن السر فيه أن تراب الأرض لبرودته ويبسه يبرى الموضع الذي به الألم ويمنع انصباب المواد إليه ليبسه مع منفعته في تجفيف الجراح واندمالها قال وقال في الريق أنه يختص بالتحليل والانضاح وأبراء الجرح والألم لاسيما من الصائم الجائع، وتعقبه القرطبي: أن ذلك إنما يتم إذا وقعت المعالجة على قوانينها من مراعاة مقدار التراب والريق وملازمة ذلك في أوقاته وإلا فالنفث ووضع السبابة على الأرض إنما يتعلق بها ما ليس له بال ولا أثر وإنما هذا من باب التبرك بأسماء الله تعالى وآثار رسوله وأما وضع الإصبع بالأرض فلعله لخاصية في ذلك أو لحكمة أخفاء آثار القدرة بمباشرة الأسباب المعتادة. وقال البيضاوي: قد شهدت المباحث الطبية على أن للريق مدخلاً في النضح وتبديل المزاج وتعديله ولتراب الوطن تأثير في حفظ المزاج الأصلي ودفع نكاية المضرات ولذا ذكر في تيسير المسافرين أنه ينبغي أن يستصحب المسافر تراب أرضه إن عجز عن استصحاب ماءها حتى إذا ورد ماء غير ما اعتاده جعل شيئاً منه في سقاءه وشرب الماء منها ليأمن من تغير مزاجه ثم أن الرقى والعزائم لها آثار عجيبة تتقاعد العقول عن الوصول إلى كنهها- انتهى. وقال التوربشتي: الذي يسبق إلى الفهم من صنيعه ذلك، ومن قوله هذا: إن تربة أرضنا إشارة إلى فطرة آدم عليه السلام والريقة أشارة إلى النطفة التي خلق منها الإنسان، فكأنه يتضرع بلسان الحال ويعرض بفحوى المقال أنك اخترعت الأصل الأول من طين ثم أبدعت بنيه من ماء مهين فهين عليك أن تشفي من كان هذا شأنه وتمن بالعافية على من استوى في ملكك حياته ومماته- انتهى. وقد علم كل أناس مشربهم وكل إناء يرشح بما فيه. قال القاري، وقوله: بإصبعه في موضع الحال من فاعل قال وتربة أرضنا خبر مبتدأ محذوف أي هذه، والباء في بريقة متعلق بمحذوف، وهو خبر ثان أو حال والعامل معنى الإشارة أي قال النبي صلى الله عليه وسلم مشيراً بإصبعه: بسم الله هذه تربة أرضنا معجونة بريقة بعضنا، قلنا بهذا القول أو صنعنا هذا الصنيع

<<  <  ج: ص:  >  >>