للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فإذا سمعتم به بأرض فلا تقدموا عليه، وإذا وقع بأرض، وأنتم بها، فلا تخرجوا فراراً منه))

ــ

ليضرب به على بابه ففعلوا، فسألهم القبط عن ذلك، فقالوا: إن الله سيبعث عليكم عذاباً، وإنما ينجو منه بهذا العلامة، فأصبحوا وقد مات من قوم فرعون سبعون ألفاً، فقال فرعون عند ذلك لموسى: {أدع لنا ربك بما عهد عندك، لئن كشفت عنا الرجز} [الآية] ، فدعا فكشفه عنهم، وهذا مرسل جيد الإسناد، وأخرج عبد الرزاق في تفسيره والطبري من طريق الحسن في قوله تعالى: {ألم تر إلى الذين خرجوا من ديارهم وهم ألوف حذر الموت} [البقرة:٢٤٣] قال: فروا من الطاعون، فقال لهم الله: موتوا ثم أحياءهم ليكملوا بقية آجالهم، قال فأقدم من وقفنا عليه في المنقول ممن وقع الطاعون به من بني إسرائيل في قصة بلعام ومن غيرهم في قصة فرعون وتكرر بعد ذلك لغيرهم- انتهى مختصراً. (فإذا سمعتم به) أي بالطاعون (بأرض) قال الطيبي: الباء الأولى متعلقة بسمعتم على تضمين أخبرتم. وبأرض حال أي واقعاً في أرض- انتهى. ويروي فإذا سمعتم أنه بأرض. قال ابن حجر الهيثمي في فتاواه: المراد بالأرض محل الإقامة وقع به الطاعون، سواء كان بلداً أم قرية أم محلة أم غيرها لا جميع الإقليم. وقال المناوي: قوله: إذا سمعتم بالطاعون بأرض أي إذا بلغكم وقوعه في بلدة أو محلة (فلا تقدموا) بسكون القاف وفتح الدال (عليه) أي لا تدخلوا عليه ليكون أسكن لأنفسكم وأقطع لوساوس الشيطان (وإذا وقع بأرض وأنتم بها فلا تخرجوا فراراً) أي لأجل الفرار (منه) أي من الطاعون، فإنه فرار من القدر ومعارضة له، والحديث يدل على حرمة الخروج من أرض وقع بها الطاعون فراراً منه، وكذا الدخول في أرض وقع بها الطاعون، لأن الأصل في النهى التحريم. ويدل عليه أيضاً قوله صلى الله عليه وسلم في حديث عائشة عند أحمد: الفار منها كالفار من الزحف. وفي الباب أحاديث أخرى ذكر بعضها الهيثمي في مجمع الزوائد (ج٢:ص٣١٤-٣١٥) والحافظ في الفتح: وأشار إلى بعضها الترمذي بقوله: وفي الباب. وقد اختلف العلماء في ذلك. فذهب بعضهم إلى الجواز. قال الحافظ: نقل عياض وغيره جواز الخروج من الأرض التي يقع بها الطاعون (أي لمن قوى توكله وصح يقينه) عن جماعة من الصحابة منهم أبوموسى الأشعري والمغيرة بن شعبة، ومن التابعين منهم الأسود بن هلال ومسروق. ومنهم من قال: النهى فيه للتنزيه فيكره ولا يحرم، وخالفهم جماعة، فقالوا: يحرم الخروج منها لظاهر النهى الثابت في الأحاديث الماضية. وهذا هو الراجح عند الشافعية وغيرهم، ويؤيده ثبوت الوعيد على ذلك، فأخرج أحمد وابن خزيمة من حديث عائشة مرفوعاً بسند حسن. قلت: يارسول الله! فما الطاعون؟ قال: غدة كغدة البعير، المقيم فيها كالشهيد والفار منها كالفار من الزحف. وله شاهد من حديث جابر مرفوعاً عند أحمد أيضاً وابن خزيمة وسنده صالح للمتابعات- انتهى. وفصل بعضهم في هذه المسألة تفصيلاً جيداً فقال من خرج لقصد الفرار محضاً فهذا يتناوله النهى لا محالة ومن خرج لحاجة متمحضة لا لقصد

<<  <  ج: ص:  >  >>