فليقل: ربنا الله الذي في السماء، تقدس اسمك، أمرك في السماء والأرض، كما رحمتك في السماء فاجعل رحمتك في الأرض، أغفرلنا حوبنا وخطايانا، أنت رب الطيبين، أنزل رحمة من رحمتك، وشفاء من شفائك، على هذا الوجع، فيبرأ)) رواه أبوداود.
ــ
إلى شيئاً. وقيل: التقدير أي اشتكى إليه (ربنا الله) بالرفع فيهما على الابتداء والخبر (الذي في السماء) صفة وهو كقوله تعالى: {وهو الله في السماوات وفي الأرض}[الأنعام:٣] وقوله: {وهو الذي في السماء إله وفي الأرض إله}(تقدس إسمك) خبر بعد خبر أو استئناف. وفيه التفات من الغيبة إلى الخطاب أي تطهرت وتنزهت عما لا يليق بك. قال الطيبي: ربنا مبتدأ، الله خبره، الذي صفة مادحة عبارة عن مجرد العلو والرفعة، لأنه منزه عن المكان، ومن ثمة نزه اسمه عما لا يليق فيلزم منه تقديس المسمى بطريق الأولى (أمرك في السماء والأرض) أي نافذ وماض وجار (كما رحمتك) بالرفع على أن ما كافة مهيئة لدخول الكاف على الجملة (في السماء) أي لجميع من في السماء من الملائكة وأرواح الأنبياء والصلحاء. قال في الفائق: الأمر مشترك بين السماء والأرض، لكن الرحمة شأنها أن تخص بالسماء دون الأرض، لأنها مكان الطيبين المعصومين. قال ابن الملك: ولذلك أتى بالفاء الجزائية، فالتقدير إذا كان كذلك (فاجعل رحمتك في الأرض) أي لكل مؤمن من أهل الأرض، فالمراد الرحمة الخاصة المختصة بالمؤمنين، وإلا فالرحمة العامة شاملة للجميع. قال تعالى:{ورحمتي وسعت كل شيء}[الأعراف:١٥٦](أغفر لنا حوبنا) بضم الحاء المهملة وفتحها أي ذنبنا وإثمنا. وقال الجزري: حوبنا بضم الحاء الإثم وبالفتح مثله. وقيل: إن الضم لغة أهل الحجاز، والفتح لغة تميم- انتهى. والمراد الذنب الكبير. وفي رواية الحاكم ذنوبنا يدل حوبنا (وخطايانا) أي صغائرنا أو المراد بالحوب العمد، وبالخطأ ضده (أنت رب الطيبين) أي الطاهرين من المعاصي. والإضافة تشريفية. خصوا بالذكر لشرفهم وفضلهم، وإلا فهو رب كل شيء من الخبيث والطيب، ولا ينسب إلى الله إلا الطيب. قيل هذا بمنزلة العلة لطلب المغفرة أي أغفرلنا آثامنا لنكون طاهرين من الذنوب مستحقين لتربيتك ورحمتك الخاصة (أنزل) بفتح الهمزة. وفي رواية الحاكم: فأنزل، وكذا نقله الجزري (ج٧:ص٣٥١) عن أبي داود (رحمة) خاصة عظيمة (من رحمتك) الواسعة التي وسعت كل شيء. قال الطيبي: هذا إلى آخره تقرير للمعنى السابق (على هذا الوجع) بفتح الجيم أي المرض أو بكسر الجيم أي المريض (فيبرأ) بفتح الراء وضم الهمزة من البرء أي فهو يتعافى (رواه أبوداود) في الطب، وأخرجه أيضاً الحاكم (ج١:ص٣٤٤) والنسائي في الكبرى، كما في تلخيص المنذري وتهذيب التهذيب (ج٣:ص٣٩٢) : وأول حديث الحاكم عن فضالة بن عبيد. أن رجلين أقبلا يلتمسان الشفاء من البول فانطلق بهما إلى أبي الدرداء، فذكرا وجع اثنيهما له.