للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أحدكم الموت، إما محسناً فلعله أن يزداد خيراً، وإما مسيئاً فلعله أن يستعتب))

ــ

وبلفظ: لا يتمنين للكشمهيني بزيادة نون التأكيد بعد التحتية – انتهى. وقال الطيبي: الياء في قوله: لا يتمنى مثبتة في رسم الخط في كتب الحديث، فلعله نهى ورد على صيغة الخبر، أو المراد منه لا يتمن فأجرى مجرى الصحيح. وقيل: هو لفظ النهى وأشبعت الفتحة. قيل: والنفي بمعنى النهى أبلغ وآكد لإفادته أن من شأن المؤمن انتفاء ذلك عنه وعدم وقوعه عنه بالكلية أو لأنه قدر أن المنهى حين ورد النهى عليه انتهى عن المنهى عنه، وهو يخبر عن انتهائه ولو ترك على النهى المحض ما كان أبلغ (أحدكم) الخطاب للصحابة والمراد هم ومن بعدهم من المسلمين عموماً (الموت) قال التوربشتي: النهى عن تمنى الموت وإن أطلق في هذا الحديث، فالمراد منه المقيد، كما في حديث أنس الآتي، فعلى هذه يكره تمنى الموت من ضر أصابه في نفسه أو ماله، لأنه في معنى التبرم عن قضاء الله في أمر يضره في دنياه وينفعه في آخرته ولا يكره للخوف في دينه من فساد (إما محسناً) قال ابن الملك: بكسر الهمزة أصله "إن ما" فأدغمت، و"ما" زائدة عوضاً عن الفعل المحذوف أي إن كان محسناً. وقال المالكي: تقديره إما أن يكون محسناً، وإما أن يكون مسيئاً، فحذف يكون مع إسمها مرتين وأبقى الخبر وأكثر ذلك إنما يكون بعد أن، ولو قال زين العرب كقوله الناس مجزيون بأعمالهم إن خيراً فخير وإن شراً فشر. وقال السندي: إما بكسر الهمزة بتقدير يكون أي لا يخلو التمنى إما يكون محسناً فليس له أن يتمنى فإنه لعله يزداد خيراً بالحياة وإما مسيئاً فكذلك ليس له أن يتمنى فإنه لعله أن يستعتب أي يرجع عن الإساءة ويطلب رضاءالله تعالى بالتوبة. وجملة إما محسناً إلخ بمنزلة التعليل للنهى، ويمكن أن يكون إما بفتح الهمزة، والتقدير إما إن كان محسناً فليس له التمنى لأنه لعله يزداد بالحياة خيراً فهو مثل قوله تعالى: {فأما إن كان من المقربين} [الواقعة:٨٨] والله تعالى أعلم – انتهى. (فلعله) جواب إن الشرطية (أن يزداد خيراً) أي من فعل الخير (وإما مسيئاً فلعله أي يستعتب) أي يرجع عن موجب العتب عليه. وقيل: أي يطلب العتبى وهو الرضا أي يطلب رضاءالله تعالى بالتوبة ورد المظالم وتدارك الفائت. وقال الحافظ: يستعتب أي يسترضى الله بالإقلاع والاستغفار والاستعتاب طلب الأعتاب. والهمزة للإزالة أي يطلب إزالة العتاب عاتبه لامه واعتبه أزال عتابه. قال الكرماني: وهو مما جاء على غير القياس إذ الاستفعال إنما ينبني من الثلاثي لا من المزيد. قال ابن الملك: لعل هنا بمعنى عسى. وقال القسطلاني: لعل في الموضعين للرجاء المجرد من التعليل وأكثر مجيئها في الرجاء إذا كان معه تعليل نحو {وأتقو الله لعلكم تفلحون} [آل عمران:٢٠٠،١٣٠] انتهى. قال الحافظ: وفيه إشارة إلى أن المعنى في النهى عن تمنى الموت والدعاء به هو انقطاع العمل وبالموت فإن الحياة يتسبب منها العمل وبالعمل يحصل زيادة الثواب ولو لم يكن إلا استمرار التوحيد، فهو أفضل الأعمال ولا يرد على هذا أنه يجوز أن يقع الارتداد عن الإيمان، لأن ذلك نادر والإيمان بعد أن تخالط بشاشته القلوب لا يسخطه أحد، وعلى تقدير وقوع ذلك وقد وقع لكن نادراً فمن سبق له في علم الله خاتمة السوء فلا بد من وقوعها

<<  <  ج: ص:  >  >>