للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فقالوا: يا رسول الله! ما المستريح والمستراح منه؟ فقال: العبد المؤمن يستريح من نصب الدنيا وأذاها إلى رحمة الله، والعبد الفاجر يستريح منه العباد، والبلاد، والشجر، والدواب)) .

ــ

الشخص الحاضر. وفي الصحيحين والمؤطا والنسائي مستريح أو مستراح منه أي بالواو بدل أو. قال السندي: الواو بمعنى أو، والتقدير هذا الميت أو كل ميت إما مستريح أو مستراح منه، أو بمعناها على أن هذا الكلام بيان لمقدر يقتضيه الكلام كأنه قال: هذا الميت أو كل ميت أحد رجلين فقال مستريح ومستراح منه. وقال الحافظ: الواو فيه بمعنى أو، وهي للتقسيم على ما صرح بمقتضاه في جواب سؤالهم (فقالوا) أي الصحابة. قال الحافظ: ولم أقف على اسم السائل منهم بعينه إلا أن في رواية إبراهيم الحربي عند أبي نعيم قلنا فيدخل فيهم أبوقتادة، فيحتمل أن يكون هو السائل- انتهى. وهذا لفظ النسائي. وفي المؤطا والصحيحين قالوا بدون الفاء (ما المستريح والمستراح منه) أي ما معناهما. وفي رواية الدارقطني: ما المستراح منه بإعادة ما (فقال) كذا في جميع النسخ، وهكذا في جامع الأصول (ج١١ص٤٤٦) وفي الأصول قال بدون الفاء (العبد المؤمن) يحتمل أن يراد به التقى خاصة أي المؤمن الكامل، ويحتمل كل مؤمن (يستريح) أي يجد الراحة بالموت (من نصب الدنيا) بفتحتين أي من تعبها ومشقتها (وأذاها) من عطف العام على الخاص، كذا ذكره الحافظ قال السندي بعد نقله عن السيوطي: قلت وما أشبهه بعطف المتساويين (إلى رحمة الله) أي ذاهباً وواصلاً إليها، ومن ثم قال مسروق: ما غبطت شيئاً لشيء كمؤمن في لحده أمن من عذاب الله واستراح من الدنيا (والعبد الفاجر) أي الكافر أو ما يعمه والعاصي. قيل: الظاهر حمله على الكافر لمقابلته بالمؤمن، وعليه حمله النسائي حيث ترجم على الحديث بالاستراحة من الكفار. قلت: آخر الحديث أي الجملة الآتية يدل على أن المراد بالفاجر ما هو أعم من الكافر فإن الظلم والفساد والفجور يحصل من المسلم أيضاً كما يحصل من الكافر فيستريح العباد والبلاد من الفاجر المسلم كما تستريح من الفاجر الكافر، فالأولى حمل الفاجر هنا على العموم، كما قال القاري هو أعم من الكافر (يستريح منه) أي من شره (العباد) من جهة ظلمة عليهم ومن جهة أنه حين فعل منكراً أن منعوه آذاهم وعاداهم وإن سكتوا عنه أضر بدينهم ودنياهم (والبلاد) لما يأتي به من المعاصي فإنه يحصل به الجدب فيقتضي هلاك الحرث والنسل أو لما يقع له من غصبها ومنعها من حقها وصرفه في غير وجهه (والشجر) لقلعه إياها غصباً أو غصب ثمرها أو بما يحصل من الجدب لشوم معاصيه (والدواب) لاستعماله لها فوق طاقتها وتقصيره في علفها وسقيها أو للجدب بمعاصيه. قال النووي: معنى استراحة العباد من الفاجر اندفاع أذاه عنهم، وأذاه كون من وجوه منها ظلمة لهم، ومنه ارتكابه للمنكرات فإن أنكروها قاسوا مشقة من ذلك وربما نالهم ضرره وإن سكتوا عنه أثموا، وتعقب هذا

<<  <  ج: ص:  >  >>