وللآخر النكير، فيقولان: ما كنت تقول في هذا الرجل؟ فيقول: هو عبد الله ورسوله، أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً عبده ورسوله. فيقولان: قد كنا نعلم أنك تقول هذا، ثم يفسح له في قبره سبعون ذراعاً في سبعين، ثم ينور له فيه، ثم يقال له: نم. فيقول: أرجع إلى أهلي فأخبرهم. فيقولان: نم كنومة العروس الذي لا يوقظه إلا أحب أهله إليه حتى يبعثه الله من مضجعه ذلك. وإن كان منافقاً قال: سمعت الناس يقولون قولاً فقلت مثله، لا أدري. فيقولان: قد كنا نعلم أنك تقول ذلك، فيقال للأرض: التئمي عليه، فتلتئم عليه، فتختلف أضلاعه،
ــ
(النكير) فعيل بمعنى مفعول من نكر بالكسر إذا لم يعرفه أحد، فكلاهما ضد المعروف، سميا بهما؛ لأن الميت لم يعرفهما، ولم ير صورة مثل صورتهما. قال بعض الفقهاء: إن اسم السائلين للمذنب منكر ونكير، واسم السائلين للمطيع مبشر وبشير. (فيقولان قد كنا نعلم أنك تقول هذا) أي الإقرار بالوحدانية والرسالة، وعلمهما بذلك إما بإخبار الله إياهما بذلك، أو بمشاهدتهما في جنبيه أثر السعادة، وشعار نور الإيمان والعبادة، كما يدل عليه رواية ابن حبان: فإذا كان مؤمناً كانت الصلاة عند رأسه، والزكاة عن يمينه، والصوم عن شماله، وفعل المعروف من قبل رجليه، فيقال له: اجلس فيجلس – الحديث. (يفسح) مجهول مخفف، وقيل: مشدد أي يوسع. (ذراعاً) أي بذراع الدنيا المعروف عند المخاطبين. قال الطيبي: أصله يفسح قبره مقدار سبعين ذراعاً، فجعل القبر ظرفاً للسبعين وأسند الفعل إلى السبعين مبالغة. (في سبعين) أي في عرض سبعين ذراعاً، يعني طوله وعرضه كذلك. قيل: المراد به الكثرة، ولذا ورد في بعض الروايات "مد بصره" ويمكن أن يختلف باختلاف الأشخاص في الأعمال. (ثم ينور له فيه) أي في قبره، وفي رواية ابن حبان: وينور له كالقمر ليلة البدر. (فيقول) أي الميت (أرجع) أي أريد الرجوع كذا قيل. والأظهر أن الاستفهام مقدر، (فأخبرهم) أي بأن حالي طيب ليفرحوا بذلك. (كنومة العروس) بفتح العين، وهو يطلق على الذكر والأنثى في أول اجتماعهما، وقد يقال للذكر، العريس. (الذي لا يوقظه) صفة العروس (إلا أحب أهله إليه) وهو الزواج. قال المظهر: عبارة عن عزته وتعظيمه عند أهله يأتيه غداة ليلة زفافه من هو أحب وأعطف فيوقظه على الرفق واللطف. (حتى يبعثه الله) ليس هذا من مقول الملكين بل من كلامه - صلى الله عليه وسلم -، و"حتى" متعلق بمحذوف أي ينام طيب العيش حتى يبعثه الله. وقيل: يحتمل أن يتعلق حتى بنم على سبيل الالتفات من الخطاب إلى الغيبة (يقولون قولاً) هو أن محمد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (فقلت مثله) أي مثل قولهم (لا أدري) أي أنه نبي في الحقيقة أم لا. وهو استئناف، وقيل: في محل النصب على الحال. (فيقال للأرض) أي أرض القبر (التئمي) أي انضمي واجتمعي، يعني ضيقي عليه، وهو على حقيقة الخطاب الا أنه تخيل لتعذيبه وعصره. (فتختلف أضلاعه) بفتح الهمزة جمع ضلع وهو عظم الجنب، أي تزول عن الهيئة المستوية التي كانت عليها من شدة التئامها عليه، وشدة