للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وهو خير مني، كفن في بردة، إن غطي رأسه بدت رجلاه، وإن غطي رجلاه بدا رأسه، وأراه قال: وقتل حمزة وهو خير مني، ثم بسط لنا من الدنيا ما بسط، أو قال: أعطينا من الدنيا ما أعطينا، ولقد خشينا أن تكون حسناتنا عجلت لنا، ثم جعل يبكي، حتى ترك الطعام)) .

ــ

وكان أبواه يحبانه، وكانت أمه تكسوه أحسن ما يكون من الثياب، وكان أعطر أهل مكة يلبس الحضرمي من النعال، فلما أسلم وزهد في الدنيا وتقشف فتشف جلده تخشف الحية. ويقال إن فيه نزلت وفي أصحابه: {رجال صدقوا ما عاهدوا الله} الآية [الأحزاب: ٢٣] . (وهو خير مني) قاله تواضعاً وهضماً لنفسه، وإلا فقد صرح العلماء بأن العشرة المبشرة أفضل من غيرهم. قال الحافظ: ويحتمل أن يكون ما استقر عليه الأمر من تفضيل العشرة على غيرهم بالنظر إلى من لم يقتل في زمن النبي - صلى الله عليه وسلم -. (كفن في بردة) وفي رواية للبخاري: فلم يوجد له ما يكفن فيه إلا برده، بالضمير العائد على مصعب، وفي رواية: إلا بردة، بلفظ واحدة البرود، وفي حديث خباب عند البخاري: قتل مصعب بن عمير ولم يترك إلا نمرة. (إن غطي) بضم الغين أي ستر. (رأسه) بالرفع أي بالبردة. (بدت) أي ظهرت رجلاه. (وإن غطي رجلاه بدا رأسه) أي ظهر، وسيأتي في جامع المناقب أنه غطي بها رأسه وجعل على رجليه الإذخر. (وأراه) بضم الهمزة أي أظنه. (قال) أي عبد الرحمن. (وقتل حمزة) هو حمزة بن عبد المطلب بن هاشم بن عبدمناف القرشي الهاشمي أبوعمارة عم النبي - صلى الله عليه وسلم - وأخوه من الرضاعة، أرضعتهما ثويبة مولاة أبي لهب، ولد قبل النبي - صلى الله عليه وسلم - بسنتين، وقيل بأربع، أسلم قديماً في السنة الثانية من البعثة، ولازم نصر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهاجر معه، وقد ذكر ابن إسحاق قصة إسلامه مطولة، وقيل: كان إسلامه بعد دخول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دار الأرقم في السنة السادسة، فاعتز الإسلام بإسلامه، وشهد بدراً وأبلى فيها بلاء حسناً مشهوراً، واستشهد يوم أحد، قتله وحشي بن حرب الحبشي، وقد مثّل به وبأصحابه يومئذٍ، وكان ذلك في النصف من شوال سنة (٣) من الهجرة، فعاش دون الستين، ولقبه النبي - صلى الله عليه وسلم - أسد الله، وسماه سيد الشهداء، روى عنه علي والعباس وزيد بن حارثة. (وهو خير مني) وروى الحاكم في مستدركه من حديث أنس أن حمزة كفن أيضاً كذلك. (ثم بسط) بضم الباء أي وسع وكثر. (لنا) أراد نفسه وبقية مياسير الصحابة. (من الدنيا ما بسط) أشار إلى ما فتح لهم من الفتوح والغنائم وحصل من الأموال، وكان لعبد الرحمن بن عوف من ذلك الحظ الوافر. (ولقد خشينا أن تكون حسناتنا) وفي رواية: طيباتنا. (عجلت لنا) أي أعطيت عاجلاً لنا أي في حياتنا الدنيا. (ثم جعل) عبد الرحمن (يبكي) قال العيني: كان خوفه وبكاؤه وإن كان أحد العشرة المشهود لهم بالجنة مما كان عليه الصحابة من الإشفاق والخوف من التأخر عن اللحاق بالدرجات العلى. (حتى ترك الطعام) أي في

<<  <  ج: ص:  >  >>