١٦٦٤- (٥) وعن علي، قال:((رأينا رسول الله صلى الله - صلى الله عليه وسلم - قام فقمنا، وقعد فقعدنا،
ــ
إذا رأيتم الجنازة فقوموا. قال ميرك: في قوله: متفق عليه، نظر من وجهين أحدهما أن جملة إن الموت فرع من أفراد مسلم عن البخاري، والثاني أن لفظ البخاري: إنها جنازة يهودي-انتهى. والحديث أخرجه أبوداود والنسائي والبيهقي أيضاً.
١٦٦٤- قوله: (رأينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قام) أي لرؤية الجنازة. (فقمنا) أي تبعاً له. (وقعد فقعدنا) وفي رواية لمسلم: قام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم قعد. قال البيضاوي: يحتمل قول علي: ثم قعد، أي بعد أن جاوزته وبعدت عنه. ويحتمل أن يريد كان يقوم في وقت ثم ترك القيام أصلاً، وعلى هذا يكون فعله الأخير قرينة في أن المراد بالأمر الوارد في ذلك الندب. ويحتمل أن يكون نسخاً للوجوب المستفاد من ظاهر الأمر. والأول أرجح؛ لأن احتمال المجاز يعني في الأمر أولى من دعوى النسخ-انتهى. وقال الترمذي: معنى قول علي: قام النبي - صلى الله عليه وسلم - في الجنازة ثم قعد، يقول: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يقوم إذا رأى الجنازة ثم ترك ذلك بعد، فكان لا يقوم إذا رأى الجنازة، قال: وهذا الحديث ناسخ للحديث الأول: إذا رأيتم الجنازة فقوموا-انتهى. وكذا استدل به على النسخ كل من ذهب إلى نسخ القيام للجنازة لمن مرت به. وتعقبه النووي بأن حديث علي هذا ليس صريحاً في النسخ لاحتمال أن القعود فيه لبيان الجواز، فلا يصح دعوى النسخ؛ لأن النسخ إنما يكون إذا تعذر الجمع بين الأحاديث، ولم يتعذر بل هو ممكن، كما تقدم. وقال ابن حزم في المحلى (ج٥ص١٥٤) : قعوده - صلى الله عليه وسلم - بعد بأمره بالقيام يدل على أن الأمر للندب. ولا يجوز أن يكون نسخاً؛ لأن النسخ لا يكون إلا بنهي أو بترك معه نهي-انتهى. وأما حديث علي الآتي بلفظ: أمرنا بالقيام في الجنازة، ثم جلس بعد ذلك وأمرنا بالجلوس، فقد تقدم جوابه عن الشوكاني وابن حزم في شرح حديث أبي سعيد. وأما ما رواه أحمد (ج١ص١٤٢) والحازمي (ص١٢١) من طريق أبي معمر وهو عبد الله بن سخبرة قال: كنا مع علي فمر به جنازة فقام لها ناس، فقال علي: من أفتاكم هذا؟ فقالوا أبوموسى. قال إنما فعل ذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مرة، فكان يتشبه بأهل الكتاب، فلما نهي انتهى، لفظ أحمد، ولفظ الحازمي: فلما نسخ ذلك ونهي عنه انتهى. ففيه أنه لا يصلح النسخ ما ثبت بالأحاديث المخرجة في الصحيحين وغيرهما؛ لأن مداره على ليث بن أبي سليم وهو صدوق يهم، قاله البخاري. وقال الحافظ: صدوق اختلط أخيراً، ولم يتميز حديثه فترك-انتهى. ولا يغتر برواية الثوري هذا الحديث عن ليث، فإن رواية الثقات عن الضعفاء الواهمين لا يدل على كون الرواية صالحة للاحتجاج، كما لا يخفى. وقد روى هذا الحديث أحمد بأطول من هذا من طريق ليث في مسند أبي موسى الأشعري (ج٤ص٤١٣) وفيه فإذا نهي انتهى، فما عاد لها بعد، ورواه النسائي من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد عن أبي معمر قال: كنا عند علي فمرت به جنازة فقاموا