للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ويفرغ من دفنها، فإنه يرجع من الأجر بقيراطين، كل قيراط مثل أحد، ومن صلى عليها ثم رجع قبل أن تدفن، فإنه يرجع بقيراط))

ــ

متوقف على وجود الصلاة من الذي يحصل له-انتهى. وقال ابن المنير: إن القيراط لا يحصل إلا لمن اتبع وصلى أو اتبع وشيع وحضر الدفن، لا لمن اتبع مثلاً وشيع ثم انصرف بغير صلاة، وذلك لأن الإتباع إنما هو وسيلة لأحد مقصودين إما الصلاة وإما الدفن، فإذا تجردت الوسيلة عن المقصد لم يحصل المترتب على المقصود وإن كان يترجى أن يحصل لذلك، فضل ما يحتسب. (ويفرغ من دفنها) بالبناء للفاعل، ويروى بالبناء للمفعول، والجار والمجرور نائب الفاعل، والفعلان منصوبان بأن مضمرة بعد حتى. (من الأجر) حال من قوله: بقيراطين. قال الطيبي: أي كائناً من الثواب، فمن بيانية تقدمت على المبين. (بقيراطين) مثنى قيراط أي بقسطين ونصيبين عظيمين، والباء تتعلق بيرجع. والقيراط بكسر القاف أصله قراط بتشديد الراء بدليل جمعه على قراريط فأبدل من أحد الرائين ياء، كما في الدينار أصله دنار بدليل جمعه على دنانير. قال الجوهري القيراط نصف دانق والدانق سدس الدرهم، فعلى هذا يكون القيراط جزءاً من اثني عشر جزءاً من الدرهم. وقال صاحب النهاية، القيراط جزء من أجزاء الدينار، وهو نصف عشره في أكثر البلاد. وأهل الشام يجعلونه جزءاً من أربعة وعشرين، وقد يطلق ويراد به بعض الشيء، وذكر القيراط تقريباً للفهم لما كان الإنسان يعرف القيراط ويعمل العمل في مقابلته، فضرب له المثل بما يعلم، ثم لما كان مقدار القيراط المتعارف حقيراً نبه على عظم القيراط الحاصل لمن فعل ذلك فقال: (كل قيراط مثل أحد) بضمتين، قال الحافظ: ذهب الأكثر إلى أن المراد بالقيراط ههنا جزء من أجزاء معلومة عند الله تعالى، وقد قربها النبي - صلى الله عليه وسلم - للفهم بتمثيله القيراط بأُحد. قال الطيبي: قوله: مثل أُحد، تفسير للمقصود من الكلام لا للفظ القيراط. والمراد منه على الحقيقة أنه يرجع بنصيب كبير من الأجر، وذلك لأن لفظ القيراط مبهم من وجهين، فبين الموزون بقوله: من الأجر، وبين المقدار منه بقوله: مثل أحد. والحاصل أنه تمثيل واستعارة. والقيراط عبارة عن ثواب معلوم عند الله تعالى عبر عنه ببعض أسماء المقادير، وفسر بجبل عظيم تعظيماً له وهو أحد. وخص التمثيل بأحد لأنه كان قريباً من المخاطبين يشترك أكثرهم في معرفته كما ينبغي، ولأنه كان أكثر الجبال إلى النفوس المؤمنة حبًّا؛ لأنه الذي قال في حقه: إنه جبل يحبنا ونحبه. ويجوز أن يكون على حقيقته بأن يجعل الله ذلك العمل يوم القيامة جسماً قدر جبل أحد ويوزن. وفي حديث واثلة عند ابن عدي: كتب له قيراطان أخفهما في ميزانه يوم القيامة أثقل من جبل أحد، فأفادت هذه الرواية بيان وجه التمثيل بجبل أحد، وأن المراد به زنة الثواب المرتب على ذلك العمل. ووقع في رواية للنسائي: كل واحد منهما أعظم من أحد. وعند مسلم: أصغرهما مثل أحد. ولا مخالفة فيها؛ لأن ذلك يختلف باختلاف أحوال المتبعين. (ومن صلى عليها ثم رجع قبل أن تدفن) أي الجنازة. (فإنه يرجع بقيراط) أي من الأجر. قال النووي: اعلم أن

<<  <  ج: ص:  >  >>