١٣٩- (١٥) وعن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:((إن الميت يصير إلى القبر، فيجلس الرجل في قبره غير فزع ولا مشغوب، ثم يقال: فيم كنت. فيقول: كنت في الإسلام. فيقال: ما هذا الرجل؟ فيقول: محمد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جاءنا بالبينات من عند الله فصدقناه. فيقال له: هل رأيت الله؟ فيقول: ما ينبغي لأحد أن يرى الله.
ــ
(يمسح) حال من ضمير يجلس (عينيه) على هيئة المستيقظ؛ لأن النوم أخو الموت. (دعوني) أي أتركوا كلامي والسؤال مني (أصلي) جواب للأمر، والياء للإشباع، أو أعطي المعتل حكم الصحيح. وقيل: استئناف، أي أنا أريد أن أصلي، والمعنى: أن من كان راسخاً في أداء الصلاة، مواظباً عليها في الدنيا، يظن أنه بعد في الدنيا، ويؤدي ما عليه من الفرائض، ويشغله من قيامه بعض أصحابه، فيقول: دعوني أنا أريد الصلاة، وليضيق الوقت يفزع، ويخاف فوت الوقت، ويستعجل بالصلاة، وذكر الغروب يناسب الغريب فإنه أول منزل ينزله عند الغروب. (رواه ابن ماجه) في الزهد، قال في الزوائد: إسناده حسن إن كان أبوسفيان واسمه طلحة بن نافع، سمع من جابر بن عبد الله، وإسماعيل بن حفص مختلف فيه- انتهى. هذا، وقد ورد ذكر تمثيل الشمس للميت حال كونها قريبة الغروب في حديث أبي هريرة الطويل عند ابن حبان في صحيحه، والطبراني في الأوسط.
١٣٩- قوله:(إن الميت) اللام للجنس (فيجلس) على بناء المفعول من أجلس، أو على بناء الفاعل من جلس (الرجل) أي الصالح، كما في بعض النسخ، وكذا وقع في ابن ماجه. (غير فزع) بكسر الزاى ونصب "غير" على الحالية، وقوله:(ولا مشغوب) تأكيد من الشغب، وهو تهييج الشر والفتنة، كذا وقع في جميع النسخ "مشغوب" بالغين المعجمة والباء، والظاهر أنه خطأ من النساخ، والصواب "مشعوف" أي بالعين المهملة والفاء، من الشعف، وكذا وقع في ابن ماجه. قال المنذري: الشعف، بشين معجمة وعين مهملة، شدة الفزع حتى يذهب بالقلب. (ثم يقال) أي له كما في بعض النسخ موافقاً لما في ابن ماجه (فيم كنت) أي في أي دين عشت؟ (ما هذا الرجل) أي الرجل المشهور بين أظهركم، ولا يلزم منه الحضور. وترك ما يشعر بالتعظيم لئلا يصير تلقيناً، وهو لا يناسب موضع الاختبار. و"ما" استفهام مبتدأ و"هذا الرجل" خبره، أي ما وصفه ونعته؟ أو ما اعتقادك فيه؟ (محمد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) قوله: "رسول الله" يحتمل أن يكون خبراًً لمبتدأ محذوف، أو خبراًً بعد خبر، والأظهر أنه خبر لمحمد، والجملة مقول، وهو متضمن للجواب عن وصفه، وقوله:(جاء بالبينات) جملة استئنافية مبينة للجملة الأولى (فصدقناه) أي بجميع ما جاء من عندالله. (ماينبغي) أي لا يصح (أن يرى الله) أي يبصره ببصره في الدنيا، أو يحيط بكنهه مطلقاً