رواه أحمد، وأبوداود، والترمذي، والنسائي، وابن ماجه، وقال الترمذي: وأهل الحديث كأنهم يرونه مرسلاً.
ــ
الأول من هذا الباب بلفظ: من اتبع جنازة مسلم الخ. قالوا: والإتباع لا يكون إلا إذا مشى خلفها. وقد أسلفنا جوابه في أول الجنائز نقلاً عن الفتح فتذكر. واستدلوا أيضاً بأحاديث سردها الزيلعي في نصب الراية (ج٢: ص٢٩٠-٢٩٣) لا يخلوا واحد منها عن كلام، ورجحوا تلك الأحاديث بالمعنى؛ لأن المشي خلفها أقرب إلى الاتعاظ والاعتبار والانتباه؛ لأنه يعاين الجنازة، ولأنه يكون الماشي خلفها مستعداً للمساعدة والمعاونة في حمل الجنازة عند الحاجة. قالوا: والمروي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - لبيان الجواز أو لتسهيل الأمر على الناس عند الازدحام، وهو تأويل فعل أبي بكر وعمر لما روى عبد الرزاق وابن أبي شيبة (ج٤:ص١٠٠-١٠١) عن ابن ابزى. الثالث: التخيير والتوسعة، وأن الكل سواء. قيل: هو قول الثوري، وإليه ميل البخاري، ورواه عبد الرزاق وابن أبي شيبة (ج٤:ص١٠٠) عن أنس. الرابع: التفصيل يعني أن أمام الجنازة أفضل في حق الماشي وخلفها أفضل في حق الراكب، وإليه ذهب أحمد، كما يظهر من المغني، وكما صرح به الزيلعي. الخامس: أن الماشي يمشي حيث شاء والراكب خلفها لحديث المغيرة المتقدم، نسب هذا القول الأمير اليماني إلى الثوري. السادس: إن كان مع الجنازة مشى أمامها، وإلا فخلفها، حكاه الحافظ في الفتح عن النخعي. والظاهر عندي هو القول الثاني، والله تعالى أعلم. (رواه أحمد)(ج٢:ص٨) . (وأبوداود والترمذي والنسائي وابن ماجه) وأخرجه أيضاً الدارقطني وابن حبان والبيهقي وابن أبي شيبة كلهم من طريق ابن عيينة عن الزهري عن سالم عن أبيه، ورواه أيضاً موصولاً عن الزهري ابن أخيه محمد بن عبد الله عند أحمد (ج٢:ص١٢٢) ومنصور وبكر بن وائل عند الترمذي والنسائي، وزياد بن سعد عند الترمذي والنسائي. قال ابن عبد البر: وصله عن الزهري عن سالم عن أبيه جماعة ثقات من أصحاب الزهري، منهم ابن عيينة ومعمر ويحيى بن سعيد وموسى بن عقبة وابن أخي ابن شهاب وزياد بن سعد وعباس بن الحسن الحراني على اختلاف على بعضهم، ثم أسند رواياتهم، ذكره السيوطي في شرح الموطأ. (وقال الترمذي: وأهل الحديث كأنهم يرونه مرسلاً) عبارة الترمذي في جامعه: وروى معمر ويونس بن يزيد ومالك وغيرهم من الحفاظ عن الزهري أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يمشي أمام الجنازة، وأهل الحديث كلهم يرون أن الحديث المرسل في ذلك أصح، ثم روى الترمذي عن ابن المبارك أنه قال: حديث الزهري في هذا مرسلاً أصح من حديث ابن عيينة، وقال النسائي: وصله خطأ، وهم فيه ابن عيينة، وخالفه مالك. فرواه عن الزهري مرسلاً، وهو الصواب، قال: وإنما أتي عليه فيه من جهة أن الزهري رواه عن سالم عن أبيه أنه